فن الابتداء في الكلام
والابتداء بالكلام فن من الفنون العبقرية، المعبّرة عن أدب المتكلّم، ومدى ثقافته، وحسن ذوقه، ومنها يتعرّف على شخصيّته.
والبدء ينتظم نوعين، كلّ منهما يتميز عن الآخر، بيد أنّ التمايز خفيّ يضطر كاشفه أن يتمتع بشفافية بلاغية، قلّ مثيلها.
فالنوع الأول: «حسن الابتداء»
وعنه قال أهل البيان:
[من (١) البلاغة حسن الابتداء.
وهو أن يتأنق في أول الكلام، لأنه أول ما يقرع السمع، فإن كان محرّرا، أقبل السامع على الكلام، ووعاه.
وإلّا أعرض عنه، ولو كان الباقي في نهاية الحسن.
فينبغي أن يؤتى فيه بأعذب لفظ، وأجز له، وأرقه، وأسلسه، وأحسنه نظما، وسبكا، وأصحه معنى، وأوضحه وأخلاه من التعقيد، والتقديم، والتأخير، الملبس، أو الذي لا يناسب].
(١) الإتقان (٢/ ١٣٦).