«فإذا كان مثل هذا الوقف مكروها مستبشعا في الكلام الجاري بين المخلوقين فهو في كلام الله تعالى أشد كراهة واستبشاعا وتجنبه أولى وأحق» (١).
ومن المعلوم أنه لا يجوز عند قراءة القرآن التنفس بين الكلمتين حال الوصل كما لا يجوز التنفس أثناء الكلمة وعلى ذلك فمن غير المتوقع استطاعة القارئ أن يقرأ السورة أو القصة من السورة في نفس واحد دون توقف بل من المتعيّن عليه أن يتخير متى وأين يقف، وكيف يبتدئ بعد أن يتنفس. ولن يعينه على ذلك إلا علمه بأحكام الوقف والابتداء. ومن هنا كانت معرفة الوقوف من أهم متطلبات التجويد في القراءة. قال الهذلى في كتابه (الكامل):
«الوقف حلية التلاوة، وزينة القارئ، وبلاغ التالي، وفهم المستمع وفخر العالم، وبه يعرف الفرق بين المعنيين المختلفين، والنقيضين المتنافيين، والحكمين المتغايرين. وقد ذهب بعض العلماء إلى حد أن قالوا: من لم يعرف الوقف لم يعرف القرآن. إذ لا يتأتى لأحد معرفة القرآن إلا بمعرفة الفواصل.
وقد وردت السنة بالوقف على رءوس الآيات. ففي حديث أم سلمة رضى الله عنها أنها سئلت عن قراءة النبي ﷺ فقالت كان يقطع قراءته يقول: (الحمد لله رب العالمين). ويقف، (الرحمن الرحيم) ويقف (أخرجه الترمذى).
وفى رواية عن أبى داود أنها قالت: كان يقطع قراءته آية، آية.. وقد صنف العلماء فى باب الوقف كتبا مدونة، وذكروا فيها أصولا مجملة، وفروعا من الآيات مفصلة، فمنها ما آثروه عن أئمة القراءات وفاق الأثر وخلافه، ومنها ما اقتدوا فيه بالأثر فقط كالوقف على رءوس الآى. وهو وقف النبي صلى الله عليه وسلم.
وانفرد القاضى أبو يوسف (٢) برأي خاص في ذلك المقام إذ ذهب في رأيه إلى أن: تقدير الموقوف عليه في القرآن الكريم بالتام، والكافي، والحسن،
(٢) صاحب الإمام أبي حنيفة النعمان رحمهما الله.