إلى بيت المقدس صار منسوخا بقوله فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فلزم أن يكون قوله- سيقول السفهاء- متأخر النزول والدرجة عن قوله تعالى فَوَلِّ وَجْهَكَ فحينئذ يكون تقديمه عليه فى الترتيب على خلاف الأصل، فثبت ما قلناه من النسخ.
وأما الأثر الذى يدل على أن الآية ناسخة، فما روى عن ابن عباس أن أمر القبلة أول ما نسخ من القرآن، والأمر بالتوجه إلى بيت المقدس غير مذكور فى القرآن، إنما المذكور قوله وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فوجب أن يكون قوله تعالى فَوَلِّ وَجْهَكَ ناسخا لذلك لا للأمر بالتوجه إلى بيت المقدس.
فخلاصة رأى الرازى أن قوله تعالى وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ناسخ للتوجه إلى بيت المقدس الثابت بالسنة النبوية، وهو أى التوجه إلى بيت المقدس منسوخ بقوله تعالى فَوَلِّ وَجْهَكَ لأن الأمر بالتوجه إلى بيت المقدس منسوخ بقوله وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ لأنه غير مذكور فى القرآن فهو نسخ قرآن بقرآن على هذا الأساس، ولذلك قال فى الإيضاح «أمر الله نبيه- بغير قرآن- بالصلاة نحو بيت المقدس، فصلى نحوها بضعة عشر شهرا، وكان يحب التوجه إلى الكعبة، فنسخ الله تعالى الصلاة نحو بيت المقدس بالصلاة إلى الكعبة فصار المنسوخ ناسخا لما نسخه الله قبل، وهذا قليل النظير فى الناسخ والمنسوخ، وهذا كله يدل على أن الصلاة نحو بيت المقدس كان بأمر الله له، فهو نسخ قرآن بقرآن» (١).
وأما قوله تعالى فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ قال فى