رابعا: نسخ تحريم المباشرة للزوجة
الوارد فى قوله تعالى أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [البقر: ١٨٧].
قال الرازى فى المسألة (١) الأولى: ذهب جمهور المفسرين إلى أن فى أول شريعة محمد صلّى الله عليه وسلّم كان الصائم إذا أفطر حلّ له الأكل والشرب والوقاع بشرط أن لا ينام وأن لا يصلى العشاء الأخيرة، فإذا فعل أحدهما حرم عليه هذه الأشياء، ثم إن الله تعالى نسخ ذلك بهذه الآية، واحتج الجمهور بوجوه ذكرها الرازى، أن هذه الآية ناسخة لحرمة كانت ثابتة فى صومنا، وفى شرعنا، فلزم أن تكون الحرمة موجودة وثابتة، وإلا ما فائدة- أحل لكم- وغيرها من الحجج فى الآية، والذين قالوا إن الحرمة كانت ثابتة فى شرعنا ثم نسخت بهذه الآية استدلوا على ما قالوه بقصة أبى صرمة أو قيس ابن صرمة (٢)، الصحابى، لما جاء إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم وقد أجهده الصوم، فسأله الرسول عن سبب ضعفه فقال يا رسول الله عملت فى النخل نهارى أجمع، حتى أمسيت، فأتيت أهلى لتطعمنى شيئا،

(١) الرازى: التفسير الكبير ٥/ ١٠٤.
(٢) السيوطى: لباب النقول فى أسباب النزول ٣٤.


الصفحة التالية
Icon