تعالى: أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [المجادلة: ١٣] قال الرازى (١) فى المسألة الخامسة:
أنكر أبو مسلم الأصفهانى وقوع النسخ فى الآيتين، وقال إن تقديم الصدقة ليتميز المنافق من المؤمن، وهذا التكليف إلى أجل، وحاصل كلام أبى مسلم أن ذلك التكليف
بالصدقة كان مقدرا بغاية مخصوصة، فوجب انتهاؤه إلى الغاية المخصوصة، فلا يكون نسخا، وقال الرازى: وهذا كلام حسن ما به بأس، غير أن المشهور عند الجمهور أنه منسوخ بقوله تعالى السابق، ومنهم من قال إنه منسوخ بوجوب الزكاة، وقد عدّ الرازى (٢) هذه الآيات من النسخ إلى غير بدل، معلنا رأى الجمهور فى ثبوت نسخ صدقة النجوى، وإن كان رأى أبى مسلم الأصفهانى عنده مستحسن، فالجمهور أولى بالاتباع، فلا نقول كما قال أحدهم (٣) فأين الفرض الثانى أو البدل من النسخ، فلا يشترط وجود البدل عند النسخ فهو أمر إلهى وتكليف شرعى، مداره على الاتباع وليس الابتداع، فأكثر (٤) الناس على أن هذا الأمر بتقديم الصدقة عند مناجاة الرسول منسوخ بقوله تعالى:
[أأشفقتم.. » قال فى الإيضاح (٥) وهذا مما نسخ قبل العمل به، وهو نسخ قرآن بقرآن ولعل من اللطائف فى الآية الناسخة أنها أبقت الأصل هو إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وهو غير منسوخ، ولعل الرازى

(١) الرازى: التفسير ٢٩/ ٢٧٢.
(٢) الرازى: المحصول ١/ ٣/ ٤٧٩.
(٣) جواد موسى محمد عفانة: الرأى الصواب ٩٤.
(٤) مكى بن أبى طالب: الإيضاح ٣٦٨.
(٥) المصدر نفسه.
- د. مصطفى زيد: النسخ فى القرآن ٢/ ٨١٩.


الصفحة التالية
Icon