«والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين» وكقوله تعالى:
«والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء».
٢ - قوله تعالى- إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا.. » حاصله وجوب ثبات الواحد فى مقابلة العشرة، فما الفائدة فى العدول عن هذه اللفظة الوجيزة إلى تلك الكلمات الطويلة؟ وجوابه أن هذا القرآن إنما ورد على وفق الواقعة، وكان الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- يبعث السرايا، والغالب أن تلك السرايا ما كان ينتقص عددها عن العشرين، وما كانت تزيد على المائة، ولهذا المعنى ذكر الله هذين العددين.
٣ - قال ابن عباس- رضى الله عنه- (١) لما افترض الله عليهم أن يقاتل الواحد منهم عشرة، ثقل عليهم ذلك، وشقّ، فوضع الله تعالى عنهم إلى أن يقاتل الواحد الرجلين،
وأنزل الله تعالى آية التخفيف فى قوله تعالى: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال: ٦٦] وهى الناسخة لما سبق من قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ [الأنفال: ٦٥] قال الرازى (٢):
والحاصل أن الجمهور ادّعوا أن قوله تعالى- الآن خفف الله عنكم- ناسخ للآية المتقدمة عليها فى التلاوة- إن يكن منكم- وأنكر أبو مسلم الأصفهانى هذا النسخ، لأن الناسخ مقارن المنسوخ وهو لا

(١) السيوطى: لباب النقول ١١٣ - ١١٤.
(٢) الرازى: التفسير الكبير ١٥/ ١٩٥.


الصفحة التالية
Icon