أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [البقرة: ٢٣٤]. قال أبو مسلم (١) عن الاعتداد بالحول إنه ما زال موجودا، ووجود الآية الأخرى فى الاعتداد بأربعة أشهر وعشر، هو تخصيص لا نسخ، ورد عليه الرازى بقوله إن عدة الحامل تنقضى بوضع الحمل سواء حصل وضع الحمل فى سنة أو أقل أو أكثر، فجعل السنة مدة العدة يكون زائلا بالكلية، هذا لو كانت المرأة حاملا ومدة حملها حول كامل وكانت عدتها حولا كاملا على رأى أبى مسلم، وهذا مأخوذ من قوله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق: ٤].
فدليل أبى مسلم لا قيمة له، ومردود عليه، والنسخ ثابت فى الآية.
المثال الثانى:- أمر الله تبارك وتعالى بتقديم الصدقة بين يدى نجوى الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- فى قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المجادلة: ١٢] (٢).
ثم نسخ ذلك فى قوله تعالى: أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [المجادلة: ١٣].
وهو نسخ إلى غير بدل عند الجمهور.

(١) الرازى: المحصول ١/ ٣/ ٤٦١ - ٤٦٢.
(٢) الرازى: المحصول ١/ ٣/ ٤٦٢، التفسير الكبير ٣/ ٢٣١.


الصفحة التالية
Icon