التعبد به خير من ثبوته فى ذلك الوقت، ثم الذى يدل على وقوع النسخ لا إلى بدل انه تعالى نسخ تقديم الصدقة بين يدى رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- ومناجاته، لا إلى بدل، وهذا رأى الجمهور (١) فى قوله تعالى: أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [المجادلة: ١٣].
٥ - النوع الخامس من النسخ عن الرازى: (٢) وهو النسخ الى بدل أثقل
، قال فى المسألة الثامنة من المحصول «يجوز نسخ الشيء إلى ما هو أثقل منه، خلافا لبعض أهل الظاهر» الذين فهموا قوله تعالى:
«نأت بخير منها أو مثلها» أنه ينافى كونه أثقل، لأن الأثقل فى عرف النافين لا يكون خيرا منه ولا مثله، ولكن الجواب عند الرازى (٣) فى قوله: لم لا يجوز؟! أن يكون المراد بالخير ما هو أكثر ثوابا فى الآخرة، وأصلح فى المعاد وإن كان أثقل فى الحال، ثم إن الذى يدل على وقوعه فى القرآن الكريم، أن الله تعالى نسخ فى حق الزناة الحبس فى البيوت الوارد فى سورة النساء، إلى الجلد والرجم الواردين فى السنة وسورة النور، وكذلك نسخ صوم عاشوراء الثابت بالسنة، بصوم رمضان الثابت فى القرآن، وكانت الصلاة ركعتين عند قوم، فنسخت بأربع فى الحضر، ألا يدل ذلك على جواز نسخ الحكم إلى ما هو أثقل منه أجرا وعملا وعبادة وحكما، ويرد على ادعاءات الظاهرية وغيرهم.

(١) الأرموى: الحاصل من المحصول ٢/ ٦٥١.
- عبد الله بن صالح الفوزان: شرح الورقات ١٧٣.
(٢) الرازى: المحصول ١/ ٣/ ٤٨٠.
(٣) الرازى: التفسير الكبير ٣/ ٢٣١.


الصفحة التالية
Icon