كلها، لكن البيان هو البلاغ، وحمله على هذا أولى، لأنه عام فى كل القرآن، أما حمله على بيان المراد فهو تخصيص ببعض ما أنزل، وهو ما كان مجملا أو عاما مخصوصا، وحمل اللفظ على ما يطابق الظاهر هو أولى من حمله على ما يوجب ترك الظاهر» (١).
وهذه المسألة اختلف فيها كثيرون ردا على الإمام الشافعى أو قبولا لرأيه، ولكنى رأيت توضيح د. العلوانى (٢) يفى بما أقوله، قال فى تعليقه على هذه المسألة فى التحقيق، إن الإمام فيما قاله، لم يكن يتحدث عن الناسخ والمنسوخ من حيث الواقع وإنما كان حديثه عن الحكم بالنسخ، وكذلك لم يكن كلامه عن جواز نسخ السنة بالقرآن أو العكس حديثا عن الجواز أو عدمه من حيث العقل أو السمع، فإن حديثه لا يمكن حمله إلا على أنه بيان لكيفية الحكم بنسخ السنة، واستدل على هذا التوضيح بما جاء عن الماوردى (٣) فى أدب القاضى قائلا: إنه لا توجد سنة إلا ولها فى كتاب الله تعالى أصل كانت السنة فيه بيانا لمجمله، فإذا ورد الكتاب بنسخها، كان نسخا لما فى الكتاب من أصلها فصار ذلك نسخ الكتاب بالكتاب، فالله تعالى يوحى إلى رسوله بما يخفيه عن أمته، فإذا أراد نسخ ما سنه الرسول صلّى الله عليه وسلّم. أعلمه به حتى يظهر نسخه، ثم يرد الكتاب بنسخه تأكيدا لنسخ رسوله، فصار ذلك نسخ السنة بالسنة، والمسألة الثالثة التى تحدث عنها الماوردى توضيحا لرأى الشافعى هى إن نسخ السنة بالكتاب يكون أمرا من الله تعالى لرسوله بالنسخ، فيكون الله تعالى هو الآمر بالنسخ، والرسول هو الناسخ له، فصار ذلك نسخ
(٢) الرازى: المحصول ١/ ٣/ ٥١٦ فى الهامش.
(٣) الماوردى: أدب القاضى ١/ ٣٤٨.