[القسم الرابع نسخ القرآن بالسنة]

٤ - القسم الرابع: من النسخ عند الرازى هو نسخ الكتاب بالسنة المتواترة، وهو جائز (١) وواقع، وقال الشافعى- رضى الله عنه- لم يقع، فمذهب الجمهور جوازه (٢)، محتجين بأن الكل من عند الله تعالى، وكعادة الفخر الرازى فى إيراد أدلة المثبتين والنافين ثم الفصل بينهما بما يراه مناسبا من القول والأدلة التى ترجح ما يقول وفق مذهبه، قال فى هذه المسألة إن نسخ الكتاب بالسنة المتواترة واقع واحتج مثبتوه بصور منها:
١ - إنه كان الواجب على الزانية الحبس فى البيوت لقوله تعالى:
وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا [النساء: ١٥] (٣) ثم إن الله تعالى نسخ ذلك بآية الجلد ثم إنه- صلّى الله عليه وسلّم- نسخ الجلد بالرجم، فإن قلت بل نسخ ذلك بما كان قرآنا ويدل عليه قول عمر بن الخطاب «لولا أن يقول الناس إن عمر زاد فى كتاب الله شيئا لألحقت ذلك بالمصحف»، والرازى يرى أن الآية نسختها السنة حتى تستقيم مع عنوانه فى المسألة، فآية سورة النساء عنده منسوخة بآية سورة النور فى قوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ
(١) الرازى: المحصول ١/ ٣/ ٥٢٠.
(٢) عبد الله بن صالح الفوزان: شرح الورقات ١٨٠.
(٣) سورة النساء: الآية ١٥ واختلف فى هذه الآية هل نسخها الكتاب أم السنة.
- مكى بن أبى طالب: الإيضاح ٦٨.


الصفحة التالية
Icon