فلم يعرض له أحد، وكان المشرك يومئذ لا يصد عن البيت، فأمروا أن لا يقاتلوا في الشهر الحرام، ولا عند البيت الحرام، فنسخها فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (١).
[١٣٤] (٢) - أخبرنا ابن الحصين، قال: ابنا ابن غيلان، قال: ابنا أبو بكر الشافعي، قال: ابنا إسحاق بن الحسن، قال: ابنا أبو حذيفة النهدي، قال: ابنا سفيان الثوري، عن بيان، عن الشعبي، قال: لم ينسخ من المائدة غير آية واحدة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ نسختها فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ.
وفصل الخطاب في هذا أنه لا يمكن القول بنسخ جميع الآية فإن شعائر الله أعلام متعبداته، ولا يجوز القول بنسخ هذا إلا أن يعني به: لا تستحلوا نقض ما شرع فيه المشركون من ذلك، فعلى هذا يكون منسوخا. وكذلك الهدي والقلائد، وكذلك الآمّون للبيت فإنه لا يجوز صدهم إلا أن يكونوا مشركين، وأما الشهر الحرام فمنسوخ الحكم على ما بينا في قوله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ [البقرة: ٢١٧].
فأما قوله: وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا [المائدة: ٢] فلا وجه لنسخه، وأما قوله:
وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ [المائدة: ٢] فمنسوخ بقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وباقي الآية محكم بلا شك.
ذكر الآية الثانية
: قوله تعالى: وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ [المائدة: ٥].
اختلف المفسرون في هذه الآية على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنها اقتضت إباحة ذبائح أهل الكتاب على الإطلاق، وإن علمنا أنهم قد أهلوا عليها بغير اسم الله، أو أشركوا معه غيره. وهذا مروي عن الشعبي، وربيعة، والقاسم بن مخيمرة في آخرين، وهؤلاء زعموا أنها ناسخة لقوله تعالى:
وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام: ١٢١].
(٢) إسناده صحيح.
أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» (١/ ١٨١) وابن جرير الطبري في «تفسيره» (٩/ ٤٧٥ - ٤٧٦/ ١٠٩٦٦) وأبو عبيد في «ناسخه» (٢٤٨) والنحاس في «ناسخه» (ص ١١١) وسعيد بن منصور في «سننه» (٤/ ١٤٣٧/ ٧١٢ - آل حميد).
من طرق؛ عن بيان بن بشر به.