وعكرمة، قالا: كانت الأنفال لله فنسخها وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ.
هذا قول السدي. وقال آخرون المراد بالأنفال شيئان:
الأول: ما يجعله النبي صلّى الله عليه وسلّم لطائفة من شجعان العسكر ومقدميه، يستخرج به نصحهم ويحرضهم على القتال.
والثاني: ما يفضل من الغنائم بعد قسمتها، كما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بعثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سرية فغنمنا إبلا، فأصاب كل واحد اثني عشر بعيرا، ونفلنا بعيرا بعيرا (١).
فعلى هذا هي محكمة، لأن هذا الحكم باق إلى وقتنا هذا، والعجب ممن يدّعي أنها منسوخة فإن عامة ما تضمنت أن الأنفال لله والرسول، والمعنى: أنهما يحكمان فيها وقد وقع الحكم فيها بما تضمنته آية الخمس، وإن أريد أن الأمر بنفل الجيش ما أراد، فهذا حكم باق، فلا يتوجه النسخ بحال، ولا يجوز أن يقال عن آية إنها منسوخة إلا أن يرفع حكمها وحكم هذه ما رفع فكيف يدعي النسخ؟ وقد ذهب إلى نحو ما ذكرته أبو جعفر ابن جرير الطبري.
ذكر الآية الثانية
: قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ [الأنفال: ١٥ - ١٦].
وقد ذهب قوم، منهم ابن عباس، وأبو سعيد الخدري، والحسن وابن جبير، وقتادة والضحاك إلى أنها في أهل بدر خاصة.
[١٥١] (٢) - أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: ابنا عمر بن عبيد الله، قال: ابنا ابن بشران، قال: ابنا إسحاق بن أحمد، قال: بنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: بنا محمّد بن جعفر، قال: بنا شعبة، عن داود، قال: سمعت الشعبي، يحدث عن أبي سعيد الخدري: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ قال: نزلت في يوم بدر.
(٢) أخرجه أبو داود (٢٦٤٨) والنسائي في التفسير من «الكبرى» (٦/ ٣٥٠/ ١١٢٠٣) وابن أبي حاتم في «تفسيره» (٥/ ١٦٧٠/ ٨٨٩١) والحاكم (٢/ ٣٢٧) والنحاس في «ناسخه» (ص ١٤٦).
من طرق؛ عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري. وإسناده صحيح. كما قال الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (٢٣٠٦).