وقال ابن السائب: نسخت بقوله: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ [الحجر: ٩٤]. وهذا القول ليس بصحيح وليس بين الآيات تناف ولا وجه للنسخ.
وبيان هذا؛ أن المفسرين اختلفوا في المراد بقوله: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ فقال قوم: هي الصلاة الشرعية لا تجهر بقراءتك فيها ولا تخافت بها. وقال آخرون:
الصلاة الدعاء، فأمر التوسط في رفع الصوت، وذلك لا ينافي التضرع.
... فأما سورة الكهف: فليس فيها منسوخ
إلا أن السدي يزعم: أن قوله تعالى:
فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف: ٢٩]، قال: وهذا تخيير نسخ بقوله:
وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ [الإنسان: ٣٠] وهذا تخليط في الكلام، وإنما هو وعيد وتهديد، وليس بأمر، كذلك قال الزجاج وغيره ولا وجه للنسخ.
... الباب الثالث والعشرون باب ذكر الآيات اللواتي ادّعي عليهنّ النسخ في سورة مريم
ذكر الآية الأولى
: قوله تعالى: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ [مريم: ٣٩].
زعم بعض المغفلين من ناقلي التفسير، أن الإنذار منسوخ بآية السيف وهذا تلاعب من هؤلاء بالقرآن، ومن أين يقع التنافي بين إنذارهم القيامة، وبين قتالهم في الدنيا؟
ذكر الآية الثانية
: قوله تعالى: فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم: ٥٩].
زعم بعض الجهلة أنه منسوخ بالاستثناء بعده، وقد بينا أن الاستثناء ليس بنسخ.
ذكر الآية الثالثة
: قوله تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها [مريم: ٧١].
زعم ذلك الجاهل أنها نسخت بقوله: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا [مريم: ٧٢] وهذا من أفحش الإقدام على الكلام في كتاب الله سبحانه بالجهل. وهل بين الآيتين