قلت: أما مقدار ما يحرم من الرضاع فعن أحمد بن حنبل رحمه الله فيه ثلاث روايات:
الأولى: رضعة واحدة، وبه قال أبو حنيفة ومالك أخذا بظاهر القرآن في قوله: وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ [النساء: ٢٣]، وتركا لذلك الحديث.
والثانية: ثلاث، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا تحرم المصة والمصتان» (١).
والثالثة: خمس لما روينا في حديث عائشة. وتأولوا قوله: «وهي مما يقرأ من القرآن» أن الإشارة إلى قوله: وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وقالوا: لو كان يقرأ بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لنقل إلينا نقل المصحف، ولو كان بقي من القرآن شيء لم ينقل لجاز أن يكون ما لم ينقل ناسخا لما نقل، فذلك محال (٢).
ومما نسخ خطّه واختلف في حكمه؛ ما روى مسلم في أفراده عن عائشة رضي الله عنها؛ أنها أملت على كاتبها: «حافظوا على الصلوات، والصلاة الوسطى، وصلاة العصر، وقوموا لله قانتين» وقالت: سمعتها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (٣).
وقد اختلف الناس في الصلاة الوسطى على خمسة أقوال بعدد الصلوات الخمس، وقد شرحنا ذلك في التفسير.

ومسلم (١٤٥٢) وأبو داود (٢٠٦٢) والنسائي (٦/ ١٠٠) والترمذي (٣/ ٤٥٦) - ١٠ - كتاب الرضاع. وابن ماجة (١٩٤٢) وابن حبان (١٠/ رقم: ٤٢٢١، ٤٢٢٢) والبيهقي (٧/ ٤٥٤) والدارمي (٢/ ١٥٧) وغيرهم.
(١) أخرجه مسلم (١٤٥٠) وغيره.
(٢) انظر تفصيل هذه المسألة في: «المغني» لابن قدامة (٩/ ١٩٢ - ١٩٤) و «المحلى» لابن حزم (١١/ ٨٨) مسألة: (١٨٧٢) و «سبل السلام» للصنعاني (٦/ ٣٢٩ - بتحقيق الحلاق-) و «التمهيد» لابن عبد البر (٨/ ٢٦٣ - ٢٧١) و «فتح الباري» (٩/ ١٤٧) و «شرح صحيح مسلم» للنووي (١٠/ ٢١) و «نيل الأوطار» (٦/ ٢٥٠) و «الاعتبار في الناسخ والمنسوخ» (ص ١٨٨) و «رسوخ الأخبار في منسوخ الأخبار» (ص ٤٦٢ - ٤٦٣) و «أحكام الرضاع في الفقه الإسلامي» للدكتور محمد عمر الغروي (ص ٨١ - وما بعدها).
(٣) أخرجه مالك في «الموطأ» (١/ ٨٨) - ٨ - كتاب صلاة الجماعة (٨) باب الصلاة الوسطى.
ومسلم (٦٢٩) وأحمد (٦/ ٧٣، ١٧٨) وأبو داود (٤١٠) والنسائي (١/ ٢٣٦) والترمذي (٢٩٨٢) وغيرهم.
وهي منسوخة التلاوة، وتعتبر من القراءات الشاذة. وقد اتكأ عليها صاحب كتاب «أكذوبة تحريف القرآن» ص ٤٣. ولم يعلم هذا المسكين- أو أنه تجاهل- بأن كبار علمائه يقولون بأنها من القراءات الواردة ويثبتونها في تفاسيرهم.
انظر «تفسير القمي» (١/ ١٠٦) ط. دار السرور. و «تفسير العياشي» (١/ ١٤٦) و «البرهان» للبحراني (١/ ٢٣٠) و «تفسير الصافي» (١/ ٢٦٩) و «بحار الأنوار» للمجلسي (١٨/ ٧٢).


الصفحة التالية
Icon