ذكر الآية الثانية عشر
: قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى [البقرة: ١٧٨] ذهب بعض المفسرين إلى أن دليل خطاب هذه الآية منسوخ، لأنه لما قال: الْحُرُّ بِالْحُرِّ اقتضى أن لا يقتل العبد بالحر، وكذا لما قال:
وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى اقتضى أن لا يقتل الذكر بالأنثى من جهة دليل الخطاب، وذلك منسوخ بقوله تعالى: وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ [المائدة: ٤٥] وإلى هذا أشار ابن عباس فيما رواه عثمان بن عطاء، عن أبيه، عن ابن عباس قال: نسختها الآية التي في المائدة أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ (١)، وإلى نحو هذا ذهب سعيد بن جبير ومقاتل (٢).
[٢٥] (٣) - أخبرنا المبارك بن علي، قال: ابنا أحمد بن الحسين بن قريش، قال ابنا أبو إسحاق البرمكي، قال: ابنا أبو بكر محمد بن إسماعيل أذنا، قال: ابنا أبو بكر بن أبي داود، قال: ابنا يعقوب بن سفيان، قال: ابنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدّثني عبد الله بن لهيعة، عن عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير، أن حيّين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإسلام بقليل، فكان بينهم قتل وجراحات، حتى قتلوا العبيد والنساء، فلم يأخذ بعضهم من بعض حتى أسلموا، وكان أحد الحيّين يتطاولون على الآخر في العدة والأموال، فحلفوا أن لا نرضى حتى نقتل بالعبد منا الحر منهم، وبالمرأة منا الرجل منهم فنزل فيهم: الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فرضوا بذلك فصارت آية الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى منسوخة نسخها النَّفْسَ بِالنَّفْسِ.
قلت: وهذا القول ليس بشيء لوجهين:
الأول: أنه إنما ذكر في آية المائدة ما كتبه على أهل التوراة، وذلك لا يلزمنا، وإنما نقول في إحدى الروايتين عن أحمد: إن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم
وانظر «الناسخ والمنسوخ» لأبي جعفر النحاس (ص ١٩) و «الإيضاح» (ص ١٣٤).
(٢) انظر «صفوة الراسخ» (ص ٤٧ - ٤٩) و «أحكام القرآن» للجصاص (١/ ١٣٣) و «التفسير القرطبي» (٢/ ٢٤٦ - ٢٤٧).
(٣) إسناده ضعيف.
عبد الله بن لهيعة فيه كلام، وكان قد اختلط، ثم هو مرسل؛ أرسله سعيد بن جبير.
وقد أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (١/ ٢٩٣/ ١٥٧٦).