[البقرة: ١٨٣] وقد نص أحمد في رواية الفضل بن زياد على نسخ هذه الآية، فقال: الوصية للوالدين منسوخة.
وأجاب أرباب هذا القول أهل القول الأول، فقالوا: ذكر المعروف لا يمنع الوجوب، لأن المعروف بمعنى العدل الذي لا شطط فيه ولا تقصير، كقوله تعالى:
وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة: ٢٣٣] ولا خلاف في وجوب هذا الرزق والكسوة، فذكر المعروف في الوصية لا يمنع وجوبها بل يؤكده، وكذلك تخصيص الأمر بالمتقين دليل على توكيده لأنها إذا وجبت على المتقين كان وجوبها على غيرهم أولى، وإنما خصهم بالذكر، لأن فعل ذلك من تقوى الله تعالى، والتقوى لازمة لجميع الخلق.

فصل


ثم اختلف القائلون بإيجاب الوصية ونسخها بعد ذلك في المنسوخ من الآية على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن جميع ما في الآية من إيجاب الوصية منسوخ، قاله ابن عباس رضي الله عنهما.
[٢٧] (١) - أخبرنا عبد الوهاب الحافظ، قال: ابنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو طاهر الباقلاوي، قالا: أخبرنا ابن شاذان، قال: ابنا أحمد بن كامل، قال: ابنا محمد بن سعد، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمي الحسين بن الحسن بن عطية قال: حدّثني أبي، عن جدي، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ [البقرة: ١٨٠]. قال: نسخت الفريضة التي للوالدين والأقربين الوصية.
[٢٨] (٢) - أخبرنا ابن ناصر، قال: ابنا ابن أيوب، قال: ابنا ابن شاذان، قال:
ابنا أبو بكر النجاد، قال: ابنا أبو داود السجستاني، قال: ابنا الحسن بن محمد؛ وأخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: ابنا عمر بن عبيد الله البقال، قال: ابنا علي بن محمد بن بشران، قال: ابنا إسحاق بن أحمد الكاذي قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدّثني أبي قال: بنا حجاج قال: بنا ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس رضي الله عنهما. كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ
(١) أخرجه ابن جرير (٣/ ٢٩١/ ٢٦٥٣) وانظر الذي بعده.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (١/ ٢٩٩/ ١٦٠٤) والنحاس في «الناسخ والمنسوخ» (ص ٢١) وأبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (٤٢٣)، من طريق حجاج بن محمد به.


الصفحة التالية
Icon