وفي الآية موضع آخر: وهو قوله تعالى: وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ [البقرة: ٢٣٣].
اختلفوا في الوارث:
فقال بعضهم: هو وارث المولود.
وقال بعضهم: هو وارث الوالد.
وقال بعضهم: المراد بالوارث الباقي من والدي الولد بعد وفاة الآخر.
وقيل: المراد بالوارث الصبي نفسه، عليه لأمه مثل ما كان على أبيه لها من الكسوة والنفقة.
وقيل: بل على الوارث أن لا يضار.
واعلم: أن قول من قال: الوارث الصبي والنفقة عليه لا ينافي قول من قال:
المراد بالوارث وارث الصبي لأن النفقة إنما تجب على الوارث إذا ثبت إعسار المنفق عليه.
وقال مالك بن أنس: لا يلزم الرجل نفقة أخ ولا ذي قرابة، ولا ذي رحم منه، قال: وقول الله عزّ وجلّ: وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ منسوخ ولم يبين مالك ما الناسخ.
قال أبو جعفر النحاس: ويشبه أن يكون الناسخ عنده أنه لما أوجب الله عزّ وجلّ للمتوفى عنها زوجها من مال المتوفى نفقة حول والسكنى، ثم نسخ ذلك ورفعه نسخ ذلك أيضا عن الوارث (١).
ذكر الآية الثالثة والثلاثين
: قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ [البقرة: ٢٤٠].
قال المفسرون: كان أهل الجاهلية إذا مات أحدهم مكثت زوجته في بيته حولا ينفق عليها من ميراثه، فإذا تم الحول خرجت إلى باب بيتها ومعها بعرة فرمت بها كلبا، وخرجت بذلك من عدتها وكان معنى رميها بالبعرة؛ أنها تقول: مكثي بعد وفاة زوجي أهون عندي من هذه البعرة. ثم جاء الإسلام فأقرهم على ما كانوا عليه من مكث الحول بهذه الآية، ثم نسخ ذلك بالآية المتقدمة في نظم القرآن على هذه الآية (٢). وهي قوله تعالى وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة: ٢٣٤] ونسخ الأمر بالوصية لها بما فرض لها من ميراثه وهذا مجموع قول الجماعة.
(٢) «صفوة الراسخ» (ص ٦٥).