فذهب قوم إلى أنه محكم
، ثم اختلفوا في وجه إحكامه على قولين:
الأول: أنه من العام المخصوص وأنه خصّ منه أهل الكتاب فإنهم لا يكرهون على الإسلام، بل يخيّرون بينه وبين أداء الجزية، وهذا المعنى مرويّ عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة.
وكان السبب في نزول هذه الآية:
[٦٣] (١) - ما أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: ابنا عمر بن عبيد الله البقال، قال: ابنا ابن بشران، قال: ابنا إسحاق الكاذي، قال: ابنا عبد الله بن أحمد، قال: حدّثني أبي، قال: بنا علي بن عاصم، قال: بنا داود بن أبي هند، عن عامر، قال: كانت المرأة في الأنصار إذا كانت لا يعيش لها ولد تدعى المقلاة، فكانت المرأة إذا كانت كذلك نذرت إن هي أعاشت ولدا تصبغه يهوديا، فأدرك الإسلام طوائف من أولاد الأنصار- وهم كذلك- فقالوا إنما صبغناهم يهودا ونحن نرى أن اليهود خير من عباد الأوثان، فأما إذ جاء الله بالإسلام فإنا نكرههم على الإسلام، فأنزل الله تعالى: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ.
قال أحمد، وحدّثنا حسين، قال: بنا أبو هلال، قال: بنا داود، قال: قال عامر: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ كانت تكون المرأة مقلاة في الجاهلية لا يعيش لها ولد، فكانت تنذر لله عليها؛ إن عاش لها ولد لتسلّمنه في خير دين تعلمه، ولم يكن في الجاهلية دين أفضل من اليهودية فتسلّمه في اليهودية، فلما جاء الله بالإسلام قالوا:
يا نبي الله كنا لا نعلم أو لا نرى أن دينا أفضل من اليهودية، فلما جاء الله بالإسلام نرتجعهم، فأنزل الله عزّ وجلّ: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ لا تكرهوهم ولا ترتجعوهم.
داود بن هند به.
وأخرجه أبو داود (٢٦٨٢) والنسائي في التفسير من «الكبرى» (٦/ ٣٠٤/ ١١٠٤٨) والطبري في «تفسيره» (٥/ ٤٠٨/ ٥٨١٣) وابن حبان (١/ ٣٥٢/ ١٤٠) والنحاس في «الناسخ والمنسوخ» (ص ٧٦)
وفي «معاني القرآن» (١/ ٢٦٦ - ٢٦٧) وابن أبي حاتم في «تفسيره» (٢/ ٤٩٣/ ٢٦٠٩) والواحدي في «أسباب النزول» (ص ٨٣) والبيهقي في «سننه» (٩/ ١٨٦) والخطابي في «غريب الحديث» (٣/ ٨٠ - ٨١).
من طرق؛ عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وصحّحه العلامة الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (٢٣٣٣).
وقال العلامة مقبل بن هادي الوادعي- عافاه الله من كل سوء- في «الصحيح المسند من أسباب النزول» (ص ٤٧): «رجاله رجال الصحيح».