ويرى الدكتور نعيم اليافي أنّ مصطلح الاستعارة يثير مشكلات أكبر من مصطلح الصورة، ويرى أنّ الصورة أعم وأشمل من الاستعارة، لأنها تشمل جميع الأنواع البلاغية وتضيف إضافات جديدة «٥٧».
وقد استفاد مصطلح الصورة من الدراسات في علم النفس والجمال والنقد في إثراء مدلوله.
ولكن ما الصورة؟ وما طبيعتها؟
اختلف النقاد المعاصرون في تعريفها، بحسب دلالاتها المختلفة. فبعض النقاد يعرّفها على ضوء علم النفس فيرى «برأي» أن الصورة «التذكر الواعي لمدرك حسي سابق» «٥٨».
وعلى ضوء هذا التعريف، تقوم الصورة باسترجاع الصور المختزنة في الذهن، بعد غياب المنبه الحسي، وتعتبر الحواس هي مادة الصورة، والمكوّنة لها، فالحواس تلتقط الموضوع الخارجي، وتختزنه في الذهن، ثم تأتي الصورة الفنية، فتستثير بها خيال المتلقي، الذي اختزن الصور الذهنية في ذاكرته.
وقد قسمت الصورة بحسب الحواس المكوّنة لها، إلى صور بصرية، وسمعية، وشمية، وذوقية، ولمسية.
لكن الصورة لا تكون حسية دائما، فقد تكون صورة نفسية بكاملها. يقول ميدلتون موري عن الصورة بأنها «قد تكون بصرية وقد تكون سمعية» أو «قد تكون بكاملها سيكولوجية» «٥٩».
لذلك جعلها الناقد ريتشاردز هي القوة المحركة للعواطف، يقول: «إن القوى المحركة للعواطف محصورة في الصورة» «٦٠».
وقد تحمّس الناقد عز الدين إسماعيل إلى هذا الاتجاه النفسي في دراسة الصورة، وفهمها، فعرّفها بقوله: «الصورة تركيبة عقلية تنتمي في جوهرها إلى عالم الفكرة أكثر من انتمائها إلى عالم الواقع» «٦١».
(٥٨) المصدر السابق: ص ٤٣.
(٥٩) نظرية الأدب: رينيه ويليك وأوستن وارين. ص ١٩٥.
(٦٠) الصورة بين البلاغة والنقد: ص ٢٨.
(٦١) التفسير النفسي للأدب: د. عز الدين إسماعيل. ص ٦٦.