ويتحدث عن طبيعة الصورة، ويعتبر الشعور هو الصورة، مردّدا قول هويلي: «إن الشعور ليس شيئا يضاف إلى الصور الحسية، وإنما الشعور هو الصورة، أي أنها الشعور المستقر في الذاكرة... » «٦٢».
وهذا الفهم للصورة فيه غموض وإبهام، إذ كيف تكون الصورة هي الشعور، ثم بعد ذلك يمكن دراستها فنيا كما أنّ هذا الفهم للصورة على أساس علم النفس، يتجاهل العناصر الأخرى المكوّنة للصورة، فالصورة ليست شعورا فحسب، وإنما هي أيضا تتكوّن من الفكر والواقع وغيرهما.
وبعض النقاد، يعتبر «الذهن» أساس الصورة. يقول أندريه بروتون: «إن الصورة إبداع خالص للذهن» «٦٣».
والدكتور عبد القادر الربّاعي يربط الصورة بالنشاط الذهني أو العقلي أو العقلي سواء في مفهومها العام أم في مفهومها التفصيلي، ففي مفهومها العام هي «أية هيئة تثيرها الكلمات الشعرية بالذهن» «٦٤»، وفي مفهومها التفصيلي يجعلها «تركيبة عقلية تحدث بالتناسب أو بالمقارنة» «٦٥».
وهذا التعريف أيضا يجعل العقل هو المكوّن لها، ويتجاهل بقية المكوّنات الأخرى مثل العاطفة والإحساس والفكر والواقع واللغة.
وقد أحسّ الدكتور نعيم اليافي بالقصور في تعريف الصورة، فحاول أن يجمع بين التعريفين السابقين لها، لأنه لاحظ أن الشعور وحده أو العقل وحده لا يمكن أن يرجع إليه تكوين الصورة، لهذا قال في تعريفها إنها «وحدة تركيبية، يلتمسها الشاعر في كل مكان، ويخلقها بجميع حواسه، وبكل قواه الذهنية والشعورية» «٦٦».
ولكنه أيضا وقع بما وقع فيه غيره من النقص والقصور في تعريف الصورة، لأنّ هناك عنصرا آخر في تشكيلها وهو «اللغة».

(٦٢) التفسير النفسي للأدب: ص ٧١.
(٦٣) الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي: الولي محمد. ص ١٦.
(٦٤) الصورة الفنية في النقد الشعري: ص ٨٥.
(٦٥) المصدر السابق: ص ٨٦.
(٦٦) مقدمة لدراسة الصورة الفنية: ص ٤٩.


الصفحة التالية
Icon