طرفين هما المجاز والحقيقة دون أن يستبد طرف بآخر» «٧٢».
وهذا يعني أن الصورة ليست مجرد تشكيل لغوي بل هي تشكيل لغوي خاص، يقصد به التصوير والتأثير. هذه التعريفات المختلفة للصورة، يمكن التوفيق بينها، بحيث تبدو متكاملة، وليست متعارضة. أو هي مراحل متصلة في بناء الصورة وليست منفصلة حتى ينسب الفضل لأحدها دون الآخر.
فالإنسان يشاهد الأشياء، وينفعل بها، ويدركها إدراكا حسيا. ثم ينشأ التصور عن الإدراك الحسي والتصور هو «استحضار صور المدركات الحسية عند غيبتها عن الحواس من غير تصرف فيها بزيادة أو نقص أو تغيير أو تبديل» «٧٣». وهنا يتدخل الذهن في اختزان هذه الصور المسماة بالصور الذهنية.
ثم الصورة الفنية هي «إبراز هذه الصور إلى الخارج بشكل فني» «٧٤».
فمرحلة التصور تقع بين الصورة الذهنية والصورة الفنية، وأداة التصوير الفكر فقط، أما أدوات الصورة فكثيرة منها الفكر والشعور واللغة... فالصورة الفنية بأدواتها التصويرية المتعددة، تحرّك الصور الذهنية في مخيلة المتلقي، وهكذا تجتمع كل العناصر المكوّنة للصورة متآلفة ومتعاونة بعد أن بدت في تعريفات النقاد متباعدة متخالفة.
وعلى ضوء هذا المفهوم للصورة، فقد اتسعت الصورة في النقد الحديث لتشمل كل تقديم حسي، يقول ناصف: «تستعمل كلمة صورة- عادة- للدلالة على كل ما له صلة بالتعبير الحسي» «٧٥» حتى أصبحت الصورة تعني «أي إدراك حسي مسترجع» «٧٦».
فلم تعد الصورة- بهذا المفهوم الجديد لها- محصورة في الأنواع البلاغية بل «قد تخلو الصورة- بالمعنى الحديث- من المجاز أصلا فتكون عبارات حقيقية الاستعمال ومع ذلك فهي تشكّل صورة دالة على خيال خصب» «٧٧».
(٧٣) في النقد الأدبي: د. عبد العزيز عتيق ٦٨.
(٧٤) نظرية التصوير الفني عند سيد قطب: د. صلاح الخالدي. ص ٨٧.
(٧٥) الصورة الأدبية: ص ٣.
(٧٦) مقدمة لدراسة الصورة الفنية: ص ٧١.
(٧٧) الصورة في الشعر العربي: ص ٢٥.