الفصل الأول الوظيفة الفنيّة
تتميز الصورة الفنية في القرآن الكريم، بأسلوبها، وموضوعها، ومواد تشكيلها، ووظائفها.
فهي صورة «مكثّفة» للأفكار الدينية، ولكن هذا التكثيف للأفكار الدينية، لم يؤثر في بنائها الفني بل إن بناءها الفني يعدّ الوسيلة المفضّلة، للتعبير عن الأغراض الدينية المتعددة.
وبذلك تجمع الصورة القرآنية بين الوظيفة الفنية، والوظيفة الدينية، في نسيج موحّد، مقصود في التعبير القرآني، لأنّ الله سبحانه أراد من خلال البناء الفني للقرآن، أن يحقّق غرضا دينيا، وهو إعجازه للبشر، فكما أنّ الإعجاز الإلهي ملحوظ في الكون والحياة والإنسان، فهو، أيضا ظاهرة مقروءة في كلامه، وهو القرآن الكريم.
فوظائف الصورة القرآنية، متداخلة، تعتمد على العلاقات، والروابط فيما بينها، لتشكيل بناء تصويري واحد، وإن تعددت فيه الأنظمة، والعلاقات التي تربط بين لبناته،
فهذا مما يزيد في صفاته الجمالية أو الفنية.
وتبدو الصورة القرآنية بتشكيلاتها ووظائفها، بنية واحدة، قائمة على أنظمة وقوانين متعددة هي التي تعطيها شكلها المكتمل في النهاية.
هذا النظام الدقيق المتناسق بين أجزاء الصورة، ووظائفها، يشبه نظام الكون في بنائه، وتناسقه، فهو يرجع إلى أجزاء مكوّنة له، وهذه الأجزاء محكومة بنظام القوانين والعلاقات، المتناسقة، التي تتآزر فيما بينها، لإعطاء هذا البناء شكله النهائي.
كالوردة الجميلة، ترجع إلى مجموعة من الأنظمة المكوّنة لها، والتي تعاونت، فيما بينها، لإعطائها هذا الشكل الجميل والمؤثر في النفس، ففيها- مثلا- اللون والرائحة، والشكل