لا مجاز فيه- تصوير فني.
يقول الدكتور علي إبراهيم أبو زيد: «فكأن في كل تعبير أدبي تصويرا فنيا، ينبعث من مقدرة الشاعر على تركيب عباراته، وتنسيق كلماته، وعلى قدرته في استنباط الإيحاء الفني الكامل في باطن الألفاظ وفي علاقاتها بعضها مع البعض، فيكسو التعبير جمالا فنيا» «٨٤».
ولكن الدكتور الولي محمد، يرفض التوسع في مفهوم الصورة، ويميّز بين الصورة الفنية والوصف، ويرى أن الصورة تخضع الشيء الملموس للتحويل بواسطة اللغة بينما لا نرى في الوصف أي تحويل للموصوف كما في الصورة. لذلك يعتبر الصورة شيئا زائدا على المعنى المراد توصيله، فإذا كانت غير زائدة، فهي ليست صورة برأيه «٨٥».
ويذكرنا هذا المفهوم للصورة برأي البلاغيين القدماء الذين اعتبروا الصورة شيئا زائدا على المعنى الأصلي بقصد التوضيح والبيان.
فالصورة عند المعاصرين، تعددت مفاهيمها بتعدد فروع المعرفة كعلم النفس والفلسفة والنقد الأدبي. وكل ناقد يدرسها حسب مفهومه لها والذي يتفق مع مذهبه الأدبي، وفلسفته الخاصة.
وتجاوزت الصورة المفهوم الجزئي لها القائم على البيت الواحد أو الجملة الواحدة، وأصبحت تشمل القصيدة كلها.
فالصور الجزئية، مرتبطة بغيرها من الصور الأخرى، تتناسق معها، وتدور في إطار الصورة الكلية للقصيدة كلها. فالصور الجزئية تنمو وتتصاعد في القصيدة، حتى تستوفى الفكرة من جميع نواحيها. وبهذا المفهوم أصبحت الصورة أكثر تنوعا وشمولا من نظرة القدماء لها.
ولكن النقاد المعاصرين قصروا دراساتهم على الصورة الشعرية، واستمدوا من النقد الأوربي، مقاييسهم في الحكم عليها غالبا. ولم يلتفت أحد منهم إلى الصورة الفنية في القرآن سوى سيد قطب الذي ألّف كتابه المشهور «التصوير الفني في القرآن» وقد مضى
(٨٥) الصورة في الخطاب البلاغي والنقدي: ص ١٩: ٢٠.