وعلى حد الضرورة، يفضل المستفاد من جهة النظر والفكر في القوة والاستحكام وبلوغ الثقة فيه غاية التمام» «٧».
لذلك كانت الصورة «أشد العناصر المحسوسة تأثيرا في النفس، وأقدرها على تثبيت الفكرة والإحساس فيها» «٨».
ويضيف الجرجاني أيضا قوة تأثير الصورة في النفس إذا أعقبت المعاني فالتمثيل عنده إذا جاء في أعقاب المعاني «كسبها منقبة، ورفع من أقدارها، وشبّ من نارها، وضاعف قواها في تحريك النفوس لها.. » «٩».
كما أن النفس تزداد تعلقا بالصورة إذا تباعدت أطرافها يقول الجرجاني: «التباعد بين الشيئين كلما كان أشد كانت إلى النفوس أعجب، وكانت النفوس لها أطرب» «١٠».
لأن طبيعة النفس تميل إلى الشيء «إذا ظهر من مكان لم يعهد ظهوره منه، وخرج من موضع ليس بمعدن له» «١١».
ويرى أبو هلال العسكري أن الصورة «تفعل في نفس السامع ما لا تفعله الحقيقة» «١٢».
وقد توسّع الفخر الرازي في شرح فكرة الجرجاني حول متعة النفس بالصورة إذا نيلت بعد طلب، وتحدث عنها ضمن حديثه عن أسباب استعمال المجاز، وعدّد من هذه الأسباب، ما سمّاه (تلطيف الكلام) وشرحه بقوله: «وأما تلطيف الكلام فهو أن النفس إذا وقفت على تمام المقصود لم يبق لها شوق إليه، فأما إذا عرفته من بعض الوجوه دون البعض، فإن القدر المعلوم يشوقها إلى تحصيل العلم بما ليس بمعلوم، فتحصل لها بسبب علمها بالقدر الذي علمته لذة، وبسبب حرمانها من الباقي ألم فتحصل هناك لذات وآلام متعاقبة، واللذة إذا حصلت عقيب الألم كانت أقوى، وشعور النفس بها أتم وإذا عرفت هذا فنقول إذا عبر عن الشيء باللفظ الدال عليه على سبيل الحقيقة حصل كمال العلم به فلا تحصل اللذة القوية.
(٨) الصورة بين البلاغة والنقد: ٢٨.
(٩) أسرار البلاغة: ٩٢ - ٩٣.
(١٠) المصدر السابق: ١٠٩.
(١١) المصدر السابق: ١١٠.
(١٢) كتاب الصناعتين: ٢٩٦.