حيث قال: «أسأل الله معافاته» كما تقدم. وفى الصحيح أيضا: «إنّ ربّى أرسل إلىّ أن اقرءوا (١) القرآن على حرف، فرددت عليه أن هوّن على أمّتى. ولم (٢) يزل يردد (٣) حتّى بلغ سبعة أحرف». كما ثبت أن القرآن أنزل من سبعة أبواب على سبعة أحرف، وأن الكتاب الذى (٤) قبله كان ينزل (٥) من باب واحد على حرف واحد؛ وذلك أن الأنبياء- عليهم السلام- كانوا يبعثون إلى قومهم والنبى ﷺ بعث إلى جميع الخلق، وكانت لغة العرب الذين (٦) نزل القرآن بلغتهم مختلفة، ويعسر على أحدهم الانتقال من لغته إلى غيرها، بل من حرف إلى آخر ولو بالتعليم والعلاج، لا سيما الشيخ والمرأة ومن لم يقرأ كتابا كما فى الحديث المتقدم.
ولذلك اختلفوا فى جواز القراءة بغير لغة العرب على أقوال، ثالثها: إن عجز عن العربى جاز وإلا فلا.
قال ابن قتيبة (٧): من تيسير الله تعالى أن أمر نبيه ﷺ بأن يقرئ (٨) كل أمة بلغتهم؛ فالهذلى يقرأ: عتى حين [المؤمنون: ٢٥]، والأسدي تِعلمون وتِعلم/ وأ لم إعهد [يس: ٦٠] [والتميمى] (٩) يهمز، والقرشى لا يهمز، والآخر [يقرأ] (١٠) قِيلَ لَهُمْ [البقرة: ١١]، وَغِيضَ الْماءُ [هود: ٤٤] بإشمام الكسر وما لَكَ لا تَأْمَنَّا [يوسف: ١١] بإشمام الضم. انتهى.
[ومنهم من] (١١) يقرأ عليهمُ بالصلة، وغيره بالضم، وهذا ينقل، وهذا يميل، وهذا يلطّف، إلى غير ذلك، ولو أراد كل فريق أن ينتقل عما جرت عادته به (١٢) لشق ذلك عليه؛
(٢) فى م: فلم.
(٣) سقط فى م، والحديث فى صحيح مسلم (٢٧٣/ ٨٢٠).
(٤) فى م: الكتب التى.
(٥) فى م: كانت تنزل.
(٦) فى م: التى، وفى د: الذى.
(٧) هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة، أبو محمد، الدينورى. من أئمة الأدب، ومن المصنفين المكثرين، عالم مشارك فى أنواع من العلوم، كاللغة والنحو وغريب القرآن ومعانيه وغريب الحديث والشعر والفقه والأخبار وأيام الناس وغير ذلك. سكن بغداد وحدث بها وولى قضاء دينور توفى سنة ٢٧٦ هـ.
من تصانيفه: «تأويل مختلف الحديث»، «الإمامة والسياسة»، و «مشكل القرآن»، و «المسائل والأجوبة»، و «المشتبه من الحديث والقرآن». ينظر: شذرات الذهب (٢/ ١٦٩)، والنجوم الزاهرة (٣/ ٧٥)، وتذكرة الحفاظ (٢/ ١٨٥)، وتهذيب الأسماء واللغات (٢/ ٢٨١)، والأعلام (٤/ ٢٨٠).
(٨) فى ص: أن يقرأ.
(٩) سقط فى ص.
(١٠) زيادة من م.
(١١) فى د، ز، ص: ومنه أن هذا.
(١٢) فى د: له، وسقط فى ص.