وقال الهروى: سبع لغات من لغات العرب، أى: أنها متفرقة فى القرآن، فبعضه بلغة (قريش)، وبعضه بلغة (هذيل)، وبعضه بلغة (هوازن)، وبعضه بلغة (اليمن).
وفى هذه الأقوال كلها نظر؛ فإن عمر وهشاما اختلفا فى سورة الفرقان، وكلاهما قرشيان من لغة واحدة.
وقيل: المراد بها: معانى الأحكام كالحلال، والحرام، والمحكم والمتشابه، والأمثال، والإنشاء، والإخبار.
وقيل: الناسخ، والمنسوخ، والخاص والعام، والمجمل، والمبين، والمفسر.
وقيل: الأمر، والنهى، والطلب، والدعاء والخبر، والاستخبار، والزجر (١).
وقيل: الوعد، والوعيد، والمطلق والمقيد، والتفسير (٢)، والإعراب، والتأويل.
وفى هذه الأقوال أيضا نظر؛ فإن سببه- وهو اختلاف عمر وهشام- لم يكن إلا فى قراءة حروفه، لا فى تفسيره ولا أحكامه.
فإن قلت (٣): فما تقول فيما رواه الطبرانى (٤) من حديث عمر بن أبى سلمة (٥) المخزومى أن النبى ﷺ قال لابن مسعود: «إنّ الكتب كانت تنزل من السّماء من باب واحد (٦)، وإنّ القرآن أنزل من سبعة أبواب على سبعة أحرف: حلال، وحرام، ومتشابه، وضرب أمثال، وأمر، وزجر (٧)... » الحديث (٨).
فالجواب: إما بأن هذه السبعة غير السبعة التى فى تلك الأحاديث؛ لأنه فسرها، وقال فيه: فأحل حلاله، وحرم حرامه، ثم أكده بالأمر فقال فيه: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا [آل عمران: ٧]. أو بأن السبعة فيهما متحدان، ويكون قوله: «حلال وحرام» تفسيرا للسبعة الأبواب، أو بأن قوله: «حلال وحرام... » إلخ، لا تعلق له بالسبعة، بل إخبار عن القرآن، أى: هو كذا وكذا، واتفق كونه بصفات سبع كذلك (٩).

(١) فى د: الرجز.
(٢) فى م: والتغير.
(٣) فى م: ما تقول.
(٤) فى ص: الطبرى.
(٥) فى م: عمرو بن سلمة، وفى ص: عمرو بن أبى سلمة.
(٦) فى م: على حرف واحد.
(٧) فى ز: آمر وزاجر، وفى ص: وأوامر وزجر.
(٨) تقدم.
(٩) والقائلون بهذا اختلفوا فى تعيين السبعة:
فقيل: زجر وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال. حكاه ابن حبان عن بعض العلماء، وحكى السيوطى عن بعضهم مثله إلا أنه استبدل بالزجر النهى.
وقيل: حلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال وإنشاء وإخبار.


الصفحة التالية
Icon