الرابع- فى تحديدها بسبعة دون غيرها:
فقال (١) الأكثرون: إن قبائل العرب تنتهى إلى سبعة، أو إن اللغات الفصحى سبعة، وفيهما نظر.
وقيل: ليس المراد حقيقة السبعة، بل عبر بها عن مطلق التيسير والسعة، وأنه لا حرج عليهم فى قراءته بما هو من لغات العرب، من حيث إن الله تعالى (٢) أذن لهم فى ذلك، والعرب يطلقون السبع (٣) والسبعين والسبعمائة، [ويريدون] (٤) به الكثرة والمبالغة من غير حصر.
وهذا جيد لولا أن الحديث يأباه؛ فإنه ثبت (٥) فى الحديث من غير وجه: «أنّه لمّا أتاه
وحاصل هذه الآراء الجمع بأحد أوجه ثلاثة ذكرها ابن الجزرى فى النشر فقال بعد الاستشكال بحديث الطبرانى السابق ما نصه:
فالجواب عنه من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن هذه السبعة غير السبعة الأحرف التى ذكرها النبى ﷺ فى تلك الأحاديث، وذلك من حيث فسرها فى هذا الحديث فقال: «حلال وحرام... » إلخ، وأمر بإحلال حلاله وتحريم حرامه... إلخ، ثم أكد ذلك بالأمر بقول: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا فدل على أن هذه غير تلك القراءات.
الثانى: أن السبعة الأحرف فى هذا الحديث هى هذه المذكورة فى الأحاديث الأخرى التى هى الأوجه والقراءات ويكون قوله: «حلال وحرام... » إلخ: تفسيرا للسبعة الأبواب.. والله أعلم.
الثالث: أن يكون قوله: «وحلال وحرام... » إلخ لا تعلق له بالسبعة الأحرف، ولا بالسبعة الأبواب، بل إخبار عن القرآن: أى هو كذا وكذا، واتفق كونه بصفات سبع كذلك. اه.
والمتأمل فى هذه الأجوبة يرى أن الجواب الأول والثانى منها لا يصحان لأنهما يقتضيان أن الكتب الأخرى أنزلت على نوع واحد من الحلال والحرام... إلخ.
وهذا مخالف للواقع، فإن التوراة فيها حلال وحرام، وأمر وزجر وأمثال، وغيرها، اللهم إلا أن يقال: إن المراد بالكتاب الأول بعض الكتب الأولى كالزبور لا كلها، كما تقدم فى كلام ابن جرير، لكن هذا بعيد عن ظاهر الخبر، فالأقرب أن يراد بالأحرف والأبواب القراءات وأن يكون قوله:
«حلال وحرام... » إلخ، استئناف كلام كما هو الجواب الثالث.
على أن الحديث المرفوع المروى عن ابن مسعود منقطع كما تقدم، وقد روى موقوفا عليه، ولا حجة فى الموقوف خصوصا إذا عارض المرفوع الصحيح. وبهذا يعلم أن تفسير الأحرف السبعة بالأصناف لا يصح.
ينظر: رسالة: عبد التواب عبد الجليل: معنى الأحرف السبعة (٤٦ - ٥٢).
(١) فى م: قال.
(٢) فى م: سبحانه.
(٣) فى س: السبعة.
(٤) سقط فى م.
(٥) فى ز: يثبت.