ثم رأيت الإمام أبا الفضل الرازى (١) حاول ما ذكرته، وكذلك ابن قتيبة، والله تعالى أعلم.
الخامس فى أن (٢) اختلاف (٣) هذه السبعة على أى وجه يتوجه؟
وهو يتوجه على أنحاء ووجوه مع السلامة من التضاد والتناقض:
فمنها (٤) ما يكون لبيان حكم مجمع عليه، كقراءة: وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ من أم [النساء: ١٢]، فإنها تثبت (٥) أن الأخوة للأمومة (٦)، وهو مجمع عليه.
ومنها ما يكون مرجحا لحكم اختلف فيه، كقراءة: أو تحرير رقبة مؤمنة [المائدة: ٨٩] فى كفارة اليمين ففيها (٧) ترجيح غير مذهب أبى حنيفة عليه.
ومنها ما يكون للجمع بين حكمين مختلفين، كقراءتى (٨): يَطْهُرْنَ [البقرة: ٢٢٢]، فيجمع بينهما بأن الحائض لا يقربها زوجها حتى تطهر بانقطاع حيضها وتطّهّر بالاغتسال.
ومنها ما يكون لاختلاف حكمين كقراءتى: وَأَرْجُلَكُمْ [المائدة: ٦] فجمع بينهما النبى ﷺ بأن المسح فرض لابس الخف، والغسل لغيره.
ومنها ما يكون حجة لقول أو مرجحا إلى غير ذلك.
السادس فى هذه الأحرف على كم معنى تشتمل
: وهى راجعة إلى معنيين:
أحدهما: ما اختلف لفظه، واتفق معناه؛ نحو: أرشدنا واهْدِنَا* وكَالْعِهْنِ* والصوف.
والثانى: ما اختلفا معا؛ نحو: قالَ رَبِّي [الأنبياء: ٤] وقُلْ رَبِّ*.
وبقى ما اتحد لفظه ومعناه مما يتنوع (٩) صفة النطق به، كالمدات،

(١) هو عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار بن إبراهيم بن جبريل بن محمد بن على بن سليمان، أبو الفضل، الرازى، العجلى، الإمام المقرئ، شيخ الإسلام، الثقة، الورع، الكامل، مؤلف كتاب جامع الوقوف وغيره. قال عبد الغافر الفارسى فى تاريخه: كان ثقة جوالا، إماما فى القراءات، أو حد فى طريقته، وكان لا ينزل الخوانق؛ بل يأوى إلى مسجد خراب فإذا عرف مكانه تركه، وإذا فتح عليه بشيء آثر به، وهو ثقة ورع، عارف بالقراءات والروايات، عالم بالأدب والنحو، وهو أشهر من الشمس، وأضوأ من القمر، ذو فنون من العلم، ولد سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، وله شعر رائق فى الزهد. مات فى جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأربعمائة عن أربع وثمانين سنة. ينظر غاية النهاية (١/ ٣٦١).
(٢) فى م: فى بيان.
(٣) فى ص: الاختلاف.
(٤) فى ص: منها.
(٥) فى ص: ثبتت الأخوة، وفى د: بينت.
(٦) فى م: للأم يرثون.
(٧) فى ز: فيها.
(٨) فى ص، م: كقراءة.
(٩) فى ز: سوغ.


الصفحة التالية
Icon