كلام الله تعالى يقرأ بالتحقيق وبالحدر وبالتدوير الذى هو التوسط بين الحالتين، مرتلا مجودا بلحون العرب وأصولها، وتحسين اللفظ والصوت بحسب الاستطاعة.
أما التحقيق فمعناه: المبالغة فى الإتيان بالشىء (١) على حقه (٢) إلى نهاية شأنه، وعند القراء عبارة عن: إعطاء كل حرف حقه: من إشباع المد، وتحقيق الهمز، وإتمام الحركات، واعتماد (٣) الإظهار، والتشديدات، وتوفية (٤) الغنات، وتفكيك الحروف: وهو بيانها، وإخراج بعضها من بعض بالسكت والترتيل والتّؤدة، وملاحظة الجائز من الوقوف، ولا يكون معه غالبا قصر، ولا اختلاس، ولا إسكان متحرك (٥)، ولا إدغام.
فالتحقيق (٦) يكون لرياضة الألسن (٧) وتقويم الألفاظ وإقامة القراءة بغاية (٨) الترتيل، وهو الذى يستحسن ويستحب الأخذ به على المتعلمين، من غير أن يتجاوز فيه (٩) إلى حد الإفراط: من تحريك السواكن، وتوليد الحروف من (١٠) الحركات، وتكرير الراءات، وتطنين النونات فى الغنات، كما قال حمزة- وهو إمام المحققين- لبعض من سمعه يبالغ فى ذلك: أما علمت أن ما كان فوق الجعودة فهو قطط، وما كان فوق البياض فهو برص؟! وما كان فوق القراءة فليس بقراءة؟! والتحقيق يروى (١١)
عن أبى بكر [هو مذهب حمزة وورش من غير طريق الأصبهانى عنه وقتيبة عن الكسائى والأعشى عن أبى بكر] (١٢) وعن بعض طرق الأشنانى عن حفص، وبعض البصريين (١٣) عن الحلوانى عن هشام، وأكثر (١٤) طرق العراقيين عن هشام (١٥) عن ابن ذكوان (١٦)، وساق الناظم سنده لقراءته بالتحقيق (١٧) إلى أبى بن كعب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما الحدر: [فمصدر حدر] (١٨) بالفتح، يحدر بالضم، إذا أسرع، فهو من الحدور الذى هو الهبوط؛ لأن الإسراع من لازمه، بخلاف الصعود، وهو عندهم عبارة عن: إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها (١٩) بالقصر والتسكين والاختلاس والبدل والإدغام الكبير
(٢) فى م: بحقه.
(٣) فى ص: والاعتماد.
(٤) فى م: وتغنين.
(٥) فى م: بتحريك، وفى ز: بتحرك.
(٦) فى ز: بالتحقيق، وص: والتحقيق.
(٧) فى ص: اللسان.
(٨) فى م: بغير.
(٩) فى م، ص: فى ذلك.
(١٠) فى ص: عن.
(١١) فى م: مروى.
(١٢) سقط فى ز، م.
(١٣) فى ز: المصريين.
(١٤) فى ص: وعن أكثر.
(١٥) فى د: عن الأخفش.
(١٦) فى ص: عن الأخفش بالتحقيق عن ابن ذكوان.
(١٧) فى ز، م: به، وفى ص: لقراءته عن هشام عن الأخفش بالتحقيق.
(١٨) سقط من ز.
(١٩) فى م: وتحقيقها.