أبو الفضل الرازى، فالتجويد حلية التلاوة (١)، وزينة القراءة (٢)، وهو إعطاء الحروف حقوقها وترتيبها فى مراتبها، ورد الحرف إلى مخرجه، وتصحيح لفظه، وتلطيف النطق به على كل حال من غير إسراف ولا تعسف، ولا إفراط ولا تكلف، وإلى ذلك أشار ﷺ بقوله:
من أحبّ أن يقرأ القرآن كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أمّ عبد» (٣)
يعنى ابن مسعود، وكان- رضى الله عنه- قد أعطى حظّا عظيما فى [تجويد] (٤) القرآن وتحقيقه وترتيله كما أنزله الله تعالى، وناهيك برجل أحب النبى ﷺ أن يسمع القرآن منه! ولما قرأ بكى النبى صلى الله عليه وسلم. وعن أبى عثمان [النهدى] (٥) قال: صلى (٦) بنا ابن مسعود المغرب [قصرا] (٧) فقرأ:
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص] ولوددت (٨) أنه قرأ سورة البقرة من حسن صوته وترتيله، وهذه سنة الله تعالى فيمن يقرأ القرآن مجودا مصححا (٩) كما أنزل، تلتذ (١٠) الأسماع بتلاوته، وتخشع القلوب عند قراءته، ولقد بلغنا عن الإمام تقى الدين بن الصائغ المصرى، وكان أستاذا فى التجويد: أنه قرأ يوما فى صلاة الصبح: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ [النمل: ٢٠] وكرر [هذه] (١١) الآية، فنزل طائر على رأس الشيخ فسمع قراءته حتى أكملها، فنظروا إليه فإذا هو هدهد. وبلغنا عن الأستاذ أبى محمد البغدادى، المعروف بسبط الخياط (١٢)، وكان قد أعطى من ذلك حظّا عظيما: أنه أسلم جماعة من اليهود

(١) فى م: الأداء.
(٢) فى ز، م: القرآن.
(٣) أخرجه أحمد (١/ ٧، ٤٤٥، ٤٤٦، ٤٥٤)، وابن ماجة (١/ ١٤٨) فى المقدمة، باب: فضل عبد الله بن مسعود (١٣٨)، وابن حبان (٧٠٦٦، ٧٠٦٧) وأبو يعلى فى مسنده (١٦، ١٧، ٥٠٥٨، ٥٠٥٩)، والبزار (٢٦٨١)، والطبرانى (٨٤١٧).
(٤) سقط فى م.
(٥) سقط فى ص، وفى م: المهدى، وهو عبد الرحمن بن مل- بضم أوله وكسر اللام- ابن عمرو ابن عدى النهدى أبو عثمان الكوفى. أسلم وصدق ولم ير النبى صلى الله عليه وسلم. روى عن عمر
وعلى وأبى ذر.
وعنه قتادة وأيوب وأبو التياح والجريرى وخلق. وثقه ابن المدينى وأبو حاتم والنسائى. قال سليمان التيمى: إنى لأحسب أبا عثمان كان لا يصيب ذنبا، كان ليله قائما ونهاره صائما. وقيل: إنه حج واعتمر ستين مرة. قال عمرو بن على: مات سنة خمس وتسعين. وقال ابن معين: سنة مائة، عن أكثر من مائة وثلاثين سنة.
ينظر: الخلاصة (٢/ ١٥٣ - ٤٢٥٨).
(٦) فى ص: أمنا.
(٧) سقط فى م، ص.
(٨) فى م، ص: فوددت.
(٩) فى ز: صحيحا.
(١٠) فى ز: يلتذ.
(١١) سقطت من م.
(١٢) هو عبد الله بن على بن أحمد بن عبد الله أبو محمد البغدادى سبط أبى منصور الخياط الأستاذ البارع الكامل الصالح الثقة شيخ الإقراء ببغداد فى عصره، ولد سنة أربع وستين وأربعمائة، قرأ القراءات على جده أبى منصور محمد بن أحمد وأبى الفضل محمد بن محمد بن الطيب الصباغ وأبى طاهر


الصفحة التالية
Icon