فى صفاته فلا يمتاز (١) عنه إلا بالمخرج: كالهمزة والهاء اشتركا مخرجا وانفتاحا واستفالا [وانفردت الهمزة بالجهر والشدة. والعين والحاء اشتركا مخرجا واستفالا وانفتاحا] (٢)، وانفردت الحاء بالهمس والرخاوة الخالصة، فإذا أحكم القارئ النطق بكل حرف على حدته فليعمل نفسه بأحكامه حالة التركيب؛ لأنه ينشأ عن التركيب ما لم يكن حالة الإفراد، فكم ممن يحسن الحروف مفردة ولا يحسنها مركبة، بحسب ما يجاورها من مجانس ومقارب، وقوى وضعيف، ومفخّم ومرقّق، ونحو ذلك، فيجذب القوى الضعيف، ويغلب المفخم المرقق؛ فيصعب على اللسان النطق بذلك على حقه، إلا بالرياضة [الشديدة] (٣) حالة (٤) التركيب.
وحينئذ فيجب (٥) ترقيق الحروف المستفلة كلها ولا يجوز تفخيم شىء منها إلا اللام (٦) من اسم الله تعالى بعد فتحة أو ضمة إجماعا، وإلا الراء المضمومة أو المفتوحة مطلقا فى أكثر الروايات، والساكنة فى بعض الأحوال، كما سيأتى فى بابه (٧).
ويجب (٨) تفخيم الحروف المستعلية كلها، وأما الألف فالصحيح أنها لا توصف بترقيق ولا تفخيم، بل بحسب ما تقدمها فإنها تتبعه (٩) ترقيقا وتفخيما، وما وقع فى كلام بعضهم من إطلاق ترقيقها فإنما يريدون التحذير مما يفعله بعض العجم (١٠) من التفخيم فى لفظها إلى أن يصيّروها كالواو، ويريدون التنبيه على ما هى مرققة فيه.
وأما نص بعض المتأخرين على ترقيقها بعد الحروف المفخمة فشىء وهم فيه ولم يسبقه [إليه] (١١) أحد، ورد عليه محققو زمانه وألف فيه (١٢) العلامة أبو عبد الله بن بضحان (١٣) كتابا قال فيه: اعلم أيها القارئ أن من أنكر تفخيم الألف فإنكاره صادر عن جهله، أو غلظ طباعه، أو عدم اطلاعه. قال: والدليل على جهله: أنه يدعى (١٤) أن الألف فى قراءة ورش
(٢) سقط فى م، ص.
(٣) سقط فى م.
(٤) فى ص: حال.
(٥) فى م: فحينئذ يجب.
(٦) سقط فى ز.
(٧) فى ص: باب.
(٨) فى م: وتقدم.
(٩) فى م: تابعه.
(١٠) فى ص، م: الأعاجم.
(١١) سقط فى م.
(١٢) فى ص: فيها.
(١٣) فى ص، م: ابن الضحاك. وهو محمد بن أحمد بن بضحان بن عين الدولة بدر الدين أبو عبد الله الدمشقى الإمام الأستاذ المجود البارع شيخ مشايخ الإقراء بالشام، ولد سنة ثمان وستين وستمائة، وسمع الحديث وعنى بالقراءات سنة تسعين وستمائة وبعدها فقرأ لنافع وابن كثير وأبى عمرو. توفى خامس ذى الحجة سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة. ينظر: الغاية (٢/ ٥٧، ٥٩) (٢٧١٠).
(١٤) فى ص: ادعى.