ص:

وقل أعوذ إن أردت تقرا كالنّحل جهرا لجميع القرّا
ش: الواو للاستئناف، و (قل) فعل أمر، وهو مبنى على ما يجزم به مضارعه، و (أعوذ) مضارع (١) مرفوع إما لتجرده من الناصب والجازم، وهو مذهب الكوفيين [وهو] (٢) الصحيح، أو لحلوله محل الاسم، وهو (٣) مذهب البصريين.
ولا فاعل له هنا؛ لأن المراد منه لفظه وهو مفعول (قل)، والجملة إما جواب [(إن)] (٤)، أو دليله [أى: إذا أردت قراءة القرآن وقتا ما فاقرأ قبل القراءة الاستعاذة لجميع القراء واجهر بها أو أى شىء قرأت من ابتداء سورة أو آية أو بعضهما] (٥) على خلاف، وعليهما فلا محل لها؛ لعدم اقترانها بالفاء، أو ب «إذا» على الأول، ولاستئنافها على الثانى.
(وأردت): قصدت، فعل الشرط، و (تقرا) مفعوله؛ فيلزم تقدير (إن)، ويجوز نصبه؛ كقول طرفة:
ألا أيهذا الزاجرى أحضر الوغى.......... (٦)
عوذا، إذا خوفه ولم يضربه، أو ضربه وهو يريد قتله فلم يقتله. وقال الليث: يقال فلان عوذ لك:
أى ملجأ. وفى الحديث: «إنما قالها تعوذا»: أى إنما أقر بالشهادة لاجئا إليها ومعتصما بها؛ ليدفع عنه القتل، وليس بمخلص فى إسلامه. وفى حديث حذيفة: «تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عودا عودا. قال ابن الأثير: وروى بالذال المعجمة، كأنه استعاذ من الفتن. وفى التنزيل: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ معناه: إذا أردت قراءة القرآن، فقل:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ووسوسته. والعوذة والمعاذة والتعويذ: الرقية يرقى بها الإنسان من فزع أو جنون؛ لأنه يعاذ بها. وقد عوذه- يقال: عوذت فلانا بالله وأسمائه وبالمعوذتين- إذا قلت: أعيذك بالله وأسمائه من كل ذى شر وكل داء وحاسد وعين.
(١) فى م: فعل مضارع.
(٢) سقط فى ز.
(٣) فى م، د: فهو.
(٤) سقط فى د.
(٥) سقط فى د، ز، م.
(٦) صدر بيت، وعجزه:
............ وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدى
استشهد بهذا البيت على نعت «أى»
باسم الإشارة، ثم نعت اسم الإشارة بالاسم المحلى بالألف واللام، وهذا هو الغالب إذا نعت «أى» باسم الإشارة (شذور الذهب- ١٩٩).
وفى البيت شاهد آخر: وهو انتصاب الفعل المضارع الذى هو قوله: «أحضر» بأن المصدرية المحذوفة، وذلك عند من روى هذا الفعل بالنصب وهم الكوفيون، والذى سهل النصب مع الحذف ذكر «أن» فى المعطوف وهو قوله: «وأن أشهد اللذات»، ونظيره: «تسمع بالمعيدى خير من أن تراه» بنصب «تسمع»، ويستدلون بقراءة عبد الله بن مسعود: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ [البقرة: ٨٣] فنصب «تعبدوا» بأن مقدرة؛ لأن التقدير فيه: ألا تعبدوا إلا الله، فحذف «أن» وأعملها مع الحذف؛ فدل على أنها تعمل النصب مع الحذف، وكذلك الشاهد فى البيت على رواية النصب.
فأما البصريون فيروون البيت برفع «أحضر»؛ لأنهم لا يجيزون أن ينتصب الفعل المضارع بحرف


الصفحة التالية
Icon