الثلاث طرق المتقدمة لأبى عمرو بكماله، فغير متجه؛ لأن العمدة على قول القارئ: قرأت بكذا على ما يفهم من كلامه، والمعتمد عليه ما صرح به فى أسانيده، ولا يجوز الاعتماد على هذا؛ لأنه لم يقرأ به من طريقه، ولا يترك ما نص عليه لما يفهم من الكلام، لا سيما فى هذا العلم الموقوف على الرواية وصريح النقل] (١).
وأما كلام الشاطبى فلا شك أنه موافق لصريح «التيسير»؛ وذلك أنه صرح بالإبدال للسوسى، وبالتحقيق للدورى، وبالإدغام للراويين على سبيل الجواز لا الوجوب، فلكلّ وجهان؛ فيصير للسوسى الإدغام والإظهار مع الإبدال، وللدورى الإظهار مع التحقيق، ويمتنع له الإدغام مع التحقيق؛ لما تقدم من منع اجتماعهما.
فإن قلت: إطلاق الشاطبى الوجهين يوهم أنهما للدورى أيضا.
قلت: لا إيهام مع تحقيق (٢) معرفة شرطه: وهو الإبدال، وهذا واضح لا يحتاج إلى تأمل، والله- تعالى- أعلم.
وجه الإظهار والتحقيق: الأصل.
ووجه الإدغام والبدل: تخفيف اللفظ.
ووجه الإظهار والبدل: أن تحقيق الهمز أثقل من إظهار المتحركات (٣)، ولا يلزم منه تخفيف الثقيل (٤).
ووجه الإدغام مع التحقيق: أن كلّا منهما باب تخفيف برأسه (٥)؛ فليس أحدهما شرطا للآخر.
ووجه منعه: أن فيه نوع مناقضة بتخفيف الثقيل دون الأثقل، والله أعلم.
ثم نرجع إلى كلام المصنف فنقول: ذكر المصنف للإدغام [مطلقا] (٦) شرطا وسببا وموانع:
فشرطه: أن يلتقى الحرفان خطّا، سواء التقيا لفظا؛ نحو: يَعْلَمُ ما [البقرة: ٧٧]، أو لا فدخل؛ نحو: إِنَّهُ هُوَ [البقرة: ٣٧] وخرج (٧)؛ نحو: أَنَا نَذِيرٌ [العنكبوت:
٥٠] وسببه: التماثل، وهو: الاتفاق فى المخرج، [أو الصفة، ويلزم منه أن يكون آمَنُوا وَعَمِلُوا [البقرة: ٢٥] وفِي يُوسُفَ [يوسف: ٧] متماثلين، والأولى أن يقال:

(١) زيادة من د، ص.
(٢) فى د: تحقق.
(٣) فى د: المتحركان.
(٤) فى د: الثقيل دون الأثقل.
(٥) فى م: يختلف برأسه، وفى ص: تحقيق برأسه.
(٦) سقط فى م.
(٧) فى م: ونحو خرج.


الصفحة التالية
Icon