[وما أحسن قول القائل:

إنّ المعلّم والطّبيب، كلاهما لا ينصحان إذا هما لم يكرما
فاصبر لدائك إن جهلت طبيبه واصبر لجهلك إن جفوت معلّما] (١)
وينبغى أن يغتنم التحصيل فى وقت الفراغ والشباب وقوة البدن ونباهة الخاطر وقلة الشواغل قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة؛ فقد روى عن عمر [بن الخطاب] (٢) - رضى الله تعالى عنه-: «تفقهوا قبل أن تسوّدوا».
وقال الشافعى- رضى الله تعالى عنه-: «تفقه قبل أن ترأس، فإذا رأست فلا سبيل [لك] (٣) إلى التفقه».
وليكتب (٤) كل ما سمعه، ثم يواظب [على] حلقة الشيخ، ويعتنى بكل الدروس (٥)، فإن عجز اعتنى بالأهم، وينبغى أن يرشد رفقته وغيرهم إلى مواطن الاشتغال والفائدة، ويذكر لهم ما استفاده على جهة النصيحة والمذاكرة، وبإرشادهم يبارك له فى علمه (٦)، وتتأكد المسائل [معه] (٧) مع جزيل ثواب الله تعالى، ومن فعل ضد ذلك كان بضده.
فإذا تكاملت أهليته واشتهرت فضيلته اشتغل بالتصنيف، وجد فى الجمع والتأليف، والله الموفق (٨).
وينبغى ألا يترك وظيفته لعروض (٩) مرض خفيف ونحوه مما يمكن معه الجمع بينهما، ولا يسأل تعنتا (١٠) وتعجيزا فلا يستحقّ جوابا، ومن أهم أحواله (١١) أن يحصّل الكتاب بشراء (١٢) أو غيره ولا يشتغل بنسخ كتاب أصلا، فإن آفاته ضياع الأوقات فى صناعة أجنبية
البنانى وسليمان التيمى وخلق لا يحصون. مات سنة تسعين أو بعدها وقد جاوز المائة، وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة رضى الله عنهم. ينظر الخلاصة (١/ ١٠٥).
(١) زيادة من ص.
(٢) زيادة من ص، د وهو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى العدوى أبو حفص المدنى، أحد فقهاء الصحابة، ثانى الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأول من سمى أمير
المؤمنين شهد بدرا، والمشاهد إلا تبوك. وولى أمر الأمة بعد أبى بكر رضى الله عنهما. وفتح فى أيامه عدة أمصار. أسلم بعد أربعين رجلا. عن ابن عمر مرفوعا: «إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه»، ولما دفن قال ابن مسعود: ذهب اليوم بتسعة أعشار العلم. استشهد فى آخر سنة ثلاث وعشرين، ودفن فى أول سنة أربع وعشرين، وهو ابن ثلاث وستين، وصلى عليه صهيب، ودفن فى الحجرة النبوية، ومناقبه جمة. ينظر الخلاصة (٢/ ٢٦٨).
(٣) زيادة من د.
(٤) فى د: ويكتب.
(٥) فى م، ز: الدرس.
(٦) فى م: يبارك له فى عمله.
(٧) سقطت فى ز.
(٨) فى ز: أعلم.
(٩) فى ص: بعروض.
(١٠) فى ص: عنتا.
(١١) فى د، م، ز: حاله.
(١٢) فى ز: نثرا، وفى م: نشرا.


الصفحة التالية
Icon