«يسوع» سريانى (١)، و «يحيى» سمى به قبل مولده (٢) وهو أعجمى.
وقيل: عربى؛ لأن الله- تعالى- أحياه بالعلم، أو أحيا به عقر (٣) أمه، وكذلك (٤) قال الخليل: وزنه: يفعل (٥)؛ لأن الياء لم تقع فاء ولا لاما فى كلمة (٦) إلا فى «يدى».
أما «موسى الحديد» فتوزن، ووزنها عند سيبويه «مفعل» من «أوسى»: حلق، أو «أسى»: حزن، أو أسوت الجرح، أو «فعلى» من «مأسى».
وأما نحو (٧) وَلا يَحْيى [طه: ٧٤] فوزنه «يفعل»، ولا إشكال فى إمالة الأعلام الثلاثة (٨)؛ لاندراجها فى (وما بياء رسمه)، وإنما الإشكال فى تقليلها لأبى عمرو.
فإن قلت: قد ادعى بعضهم أن مذهب الكوفيين والفراء أنها فعلى، وفعلى.

فوزنه: فعلى، وليس هذا من موسى العلم فى شىء، فإن ذاك أعجمى وهذا عربى.
ينظر عمدة الحفاظ (٤/ ١٤٤ - ١٤٥).
(١) عيسى ليس عربيا، وقد جعله بعضهم عربيا، وتكلم فى اشتقاقه. قال الراغب: إذا جعل عربيا أمكن أن يكون من قولهم: بعير أعيس وناقة عيساء، وجمعها: عيس، وهى إبل بيض يعترى بياضها ظلمة. أو من العيس وهو ماء الفحل. يقال: عاسها يعيسها: إذا طرقها، عيسا، فهو عائس، والصحيح أنه معرّب لا عربى، كموسى ينظر: عمدة الحفاظ (٣/ ١٧٤).
(٢) فى م: موته.
(٣) فى م: عقم.
(٤) فى م، د: ولذلك. واختلفوا فى سبب تسميته بيحيى: فعن ابن عباس: لأن الله أحيا به عقر أمه، ويرد على هذا قصة إبراهيم، وزوجته، قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً... [هود:
٧٢] فينبغى أن يكون اسم ولدهم يحيى.
وعن قتادة: لأن الله تعالى أحيا قلبه بالإيمان والطاعة، والله تعالى سمى المطيع حيا، والعاصى ميتا؛ بقوله: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ... [الأنعام: ١٢٢]. وقال: إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ [الأنفال: ٢٤].
وقيل: لأن الله تعالى أحياه بالطاعة حتى لم يعص، ولم يهم بمعصية. قال رسول الله ﷺ «ما من أحد إلا وقد عصى، أو هم إلا يحيى بن زكريا، فإنه لم يهم ولم يعملها». وفى هذا نظر؛ لأنه كان ينبغى أن تسمى الأنبياء كلهم والأولياء ب «يحيى».
وقيل: لأنه استشهد، والشهداء أحياء عند ربهم، قال تعالى: بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ [آل عمران:
١٦٩]. وفى ذلك نظر؛ لأنه كان يلزم منه أن يسمى الشهداء كلهم ب «يحيى».
وقال عمرو بن المقدسى: أوحى الله تعالى إلى إبراهيم- عليه السلام- أن قل لسارة بأنى مخرج منها عبدا، لا يهم بمعصية اسمه: حيى، فقال: هبى له من اسمك حرفا، فوهبته حرفا من اسمها، فصار: يحيى، وكان اسمها يسارة، فصار اسمها: سارة.
وقيل: لأن يحيى أول من آمن بعيسى، فصار قلبه حيّا بذلك الإيمان.
وقيل: إن أم يحيى كانت حاملا به، فاستقبلتها مريم، وقد حملت بعيسى، فقالت لها أم يحيى:
يا مريم، أحامل أنت؟ فقالت: لم تقولين؟ فقالت: أرى ما فى بطنى يسجد لما فى بطنك.
ينظر: اللباب (١٣/ ١٧ - ١٨)، تفسير الرازى (٢١/ ١٥٩).
(٥) فى م: فيعل.
(٦) فى م: الكلمة.
(٧) فى م: أو نحوه.
(٨) فى د: الثلاثية.


الصفحة التالية
Icon