لكونه قادرا بنفسه على فعله لاجتماع أسبابه وارتفاع موانعه.
فإن قلت: هل يجاب بأنه عبر بالماضى عن المستقبل؟
قلت: فيه بعد، والظاهر عدمه؛ لأنه مجاز.
فإن قلت: الجواب الثانى أيضا فيه مجاز.
قلت: هو أكثر وأشهر، بل صار حقيقة عرفية؛ فهو مقدم.
فإن قلت: الجزرى صفة جده لا أبيه.
قلت: الجد أيضا أب، كقوله (١) تعالى: وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ... الآية [النساء: ٢٢]، أو نسب نفسه له لشهرته به.
فإن قلت: ما الحكمة فى الإتيان بالشطر الثانى؟
قلت: الإشارة إلى أن هذا النظم الذى هو من أعماله وإن كان عملا صالحا، وكذلك جميع الأعمال، [ليس] (٢) هو موجبا للفوز الأخروى، وأنه [غير] (٣) ناظر إليه و [لا] (٤) معتمد عليه، وأن الفوز إنما يحصل برحمة الله تعالى.
[ومن رحمة الله تعالى] (٥) أن ييسر للعبد فى الدنيا أفعال الخير ولذلك خص الدعاء بالرحمة إشارة إلى قوله (٦) صلى الله عليه وسلم: «لن يدخل أحد الجنّة بعمله» (٧) قالوا: ولا أنت يا رسول الله قال: «ولا أنا، إلّا أن يتغمّدنى الله برحمته».
وأكد طلب الرحمة ثانيا بقوله: (استر) وهو من ذكر الخاص بعد العام؛ لأنه إذا ستره غفر له ذلك الذنب الذى ستره منه، والستر أيضا ضرب من الرحمة، ثم أكد طلب الرحمة ثالثا بطلب المغفرة التى هى أهم (٨) أنواع الرحمة فى حقه، وهو ترتيب حسن جدّا،

(١) فى م، د: لقوله.
(٢) سقط فى ص.
(٣) سقط فى د.
(٤) سقط فى ز، ص، د.
(٥) ما بين المعقوفين سقط فى د، وفى م: ومن رحمته.
(٦) فى م: لقوله.
(٧) فى م: الجنة أحد. والحديث أخرجه البخارى (١١/ ٢٦٩) كتاب المرضى باب تمنى المريض الموت (٥٦٧٣) ومسلم (٤/ ٢١٧٠) كتاب صفات المنافقين وأحكامهم باب لن يدخل أحد الجنة بعمله (٧٥/ ٢٨١٦) وأحمد (٢/ ٢٦٤) من طريق أبى عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف عن أبى هريرة قال قال رسول الله ﷺ «لن يدخل أحدا منكم عمله الجنة قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله منه بفضل ورحمة».
وأخرجه البخارى (١٣/ ٨٣) كتاب الرقاق باب القصد والمداومة على العمل (٦٤٦٣) وفى الأدب المفرد له (٤٦١) وأحمد (٢/ ٥١٤، ٥٣٧) عن سعيد المقبرى عن أبى هريرة بلفظ لن ينجى أحدا منكم عمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال: «ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله برحمة سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشىء من الدّلجة والقصد القصد تبلغوا» وفى الباب عن جابر وعائشة.
(٨) فى د، ص، م: أعم.


الصفحة التالية
Icon