وقال الدانى فى «التجريد»: [الترقيق] (١) فى الحرف (٢) دون الحركة، والإمالة [فى الحركة] دون الحرف إذا كانت لعلة (٣) أوجبتها، وهى تخفيف كالإدغام سواء. انتهى. وهو
_________
(١) سقط فى د.
(٢) فى ز، د: الحروف.
(٣) فى د: العلة. وقال فى شرح التيسير: اعلم أن الراءات فى مذهب القراء ثلاثة أقسام:
قسم اتفقوا على تفخيمه.
وقسم اتفقوا على ترقيقه.
وقسم اختلفوا فيه: فرققه ورش وحده، وفخمه الباقون.
واعلم أن هذا التقسيم إنما يرد على الراءات التى لم يجر لها ذكر فى باب الإمالة فأما ما ذكر هناك نحو: ذكرى وبشرى والأبرار، فلا خلاف أن من قرأها بالإمالة أو بين اللفظين يرققها، ومن قرأها بالفتح يفخمها.
وأذكر كل واحد من الأقسام الثلاثة حسب ما رتبه الحافظ- رحمه الله- فى هذا الباب.
قال الحافظ- رحمه الله-: «اعلم أن ورشا كان يميل فتحة الراء قليلا بين اللفظين إذا وليها... » كذا.
قد تقدم أن الإمالة هى تقريب الألف من الياء وتقريب الفتحة من الكسرة، ولما كانت الراء المكسورة يلزمها الترقيق فى كلام العرب كما تقدم، حسن أن يعبر عن فتحة الراء المرققة بأنها ممالة؛ للشبه الحاصل بين الراء المفتوحة والراء المكسورة فى الترقيق، ولوجود سبب الإمالة؛ إذ لا ترقق الراء المفتوحة إلا مع الكسرة أو الياء الساكنة، وعند حصول السبب وترقيق الراء، فلا بد أن يسرى للفتحة شىء من شبه الكسرة؛ فصح استعمال لفظ الإمالة فى الفتحة لذلك.
واعلم أن الكسرة التى تكون قبل الراء على ضربين: لازمة، وغير لازمة.
فاللازمة هى التى تكون مع الراء فى كلمة واحدة نحو كرام [عبس: ١٦].
ألا ترى أن الكاف لا تنفصل من الراء؛ لأنهما فى كلمة واحدة ولو فصلتها، لفسد نظم الكلمة، وبطلت دلالتها على المعنى الذى كانت تدل عليه قبل ذلك؛ فحصل من هذا لزوم الكسرة للراء.
وأما الكسرة غير اللازمة: فهى التى تكون قبل الراء، ولا تكون فى حرف من نفس الكلمة التى فيها الراء، وإنما يكون ذلك إذا كانت الراء أول الكلمة.
ثم هذه الكسرة على ضربين: منفصلة، وعارضة، ونعنى بالمنفصلة: أن تكون الكسرة فى آخر حرف من الكلمة مستقلة بنفسها لا تفتقر إلى الاتصال بما بعدها فى الخط نحو: بايت ربّهم [الجاثية: ١١] فهذه الراء مفتوحة وهى أول الكلمة، وقبلها كسرة فى التاء من آيات وهما كلمتان مستقلتان، لا تفتقر الأولى إلى الثانية من حيث البنية.
ونعنى بالكسرة العارضة: الكسرة التى فى لام الجر، وباء الجر فى نحو لربّك [آل عمران: ٤٣] وبربّك [الإسراء: ١٧].
ألا ترى أن اللام والباء، لما كان كل واحد منهما حرفا واحدا من حروف التهجى، لزم اتصاله بما بعده فى اللفظ والخط؛ لعدم استقلاله، على ما تقدم بيانه فى باب نقل الحركة.
وقد حصل من كلام الحافظ أن الكسرة اللازمة قبل الراء تكون على ضربين: متصلة بالراء، ومفصول بينهما بحرف ساكن.
ويريد أن هذا الفاصل يكون حرفا صحيحا غير الصاد، والطاء، والقاف؛ لأنه متى كان الفاصل واحدا من هذه الأحرف الثلاثة، فورش يفخم الراء إذ ذاك.
وإنما قلت: إنه أراد حرفا صحيحا؛ لأنه قد ذكر أن الياء الساكنة على حدتها.
ثم إن الياء تكون أيضا قبل الراء على ضربين؛ لأنها إن كانت بعد كسرة فهى حرف مد، نحو


الصفحة التالية
Icon