جاء الأمر في القرآن الكريم وحاول العلماء معرفة معناه وقد جمعتها حوالي خمسة عشر معنى تدور بين الوجوب والندب في كتابي " أوامر الله في القرآن الكريم.
وهذه درجة عالية من سماحة القرآن. فقد يستدل أحد العلماء بآية من القرآن على رأى فيقول له صاحب الرأي الثاني: الأمر هنا ليس للوجوب، ولكن الأمر للندب - سبحان الله - الدليل من القرآن ومع ذلك الإسلام يقبل منهما الاختلاف. أسوق لهذا دليلاً واحداً من سورة الطلاق آية ٣.
وأعنى: هل يجب أن يشهد المطلق على طلاقه. وهل يقع الطلاق بدون إشهاد؟
وهل يجب أن يشهد إذا راجع مطلقته؟ القرآن يقول:
[واشهدوا ذوى عدل منكم وأقيموا الشهادة لله] موضوع الإشهاد هو الطلاق فهل الأمر للوجوب؟ مع أنه قرآن " قال الأحناف الأمر للندب وليس للوجوب مثل آية الدين. لأن الله بعد أن أمر بكتابة الدين في أول الآية:
[يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه]
خفف الأمر فقال [فإن آمن بعضكم بعضاً فليؤد الذي اؤتمن أمانته] من غير كتابة للدين.
وقد اقترض النبي عدة مرّات ولم يكتب وكذلك الصحابة. فأمر هنا يفيد الندب.
فهل الإشهاد على الطلاق واجب أم مستحبّ؟
الأحناف قالوا الأمر للندب.
والطلاق يقع من غير إشهاد عليه.
والشافعي قال الإشهاد على الطلاق مندوب وعلى إرجاع المطلقة واجب.
وعلماء الشيعة أخذوا الأمر على الوجوب فالإشهاد ضروري عندهم في الطلاق والإرجاع هكذا وسع الإسلام للاجتهاد واحترام نتائج اجتهادهم.
ومعلوم أن أكثر من رأي أيسر على صاحب المشكلة من رأي واحد. ثم نقول لصاحب المشكلة أنت السبب. هذا أو الطوفان.
ومن يسر الإسلام مراعات الجانب النفسي الفطري لكل مسلم.
فمن الناس من يحمل عقلاً عسكريا. لا يعرف إلا الأمر والتنفيذ. (بلغتنا المعاصرة) " تمام يا سيدي "