ذكرني أدب هذا الصبيّ بأدب الخليل إبراهيم مع أن الصبيّ لم يحفظ الآيات [يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً ﴿٤٣﴾ يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً ﴿٤٤﴾ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً] ﴿مريم ٤٥﴾
علمت من الصبيّ أن والده استمتع بكلمته أريد أن تصحّح لي، فقال: بل أنت يا ولدي الذي تريد أن تصحّح لي حياتي.
وفي صورة الصمد
قدّم - سبحانه - لم يلد. على قوله - سبحانه - (لم يُولد) وترتيب الزمن أن يقدّم لم يُولد. الأصل أن يقدّم لم يولد لأنّ الإنسان يولد أولا ثم يلد.
ولكن الله قدّم نفى ما ضلّ به ملايين الخلق وهو نسبة الولد لله. ولا نعرف أحدًا قال لله (والد) فقدم ما يصحح به اعتقاد الملايين وهو أنه لم يلد، وأخّر ما دونه وهو أنّه لم يولد، من باب تقديم الأهم.
اليقين في المستقبل يُعبّر عنه بالماضي
ومنه (أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه) عبّر عن المستقبل بالماضي لتيقن الوقوع. كأنه وقع.
(فأمر الله) هنا يعني يوم القيامة. كقول الأستاذ لتلميذه النابغ: مبروك النجاح. فلمّا علم أن النتيجة بعد لم تظهر قال مثلك لا ينتظر إعلان النتيجة.
ونلاحظ أن كلّ ما يخبر به - سبحانه - هو يقين. ولكن حديثه عن القيامة تحتاج تأكيدًا كبيرًا لأنّه أمر كان صعبًا على العقل البشري منذ عهد قريب من عهد نوح قال الله عنهم [ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ] ﴿المؤمنون ٣١﴾
فقالوا لنبيهم [أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ] ﴿المؤمنون ٣٦﴾
ومنذ عهد نوح إلى يوم الناس هذا والدنيا بين إيمان وكفر بقضية البعث.


الصفحة التالية
Icon