وهمته وطاقته ووسعه. فما كان واجباً عليه من قبل أصبح غير مطالب به الآن، و ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾.
بعض الواجبات يخاطَب بها غيره، أما هو فإنه مُعفىً منها، و ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾.
والمحظورات في هذا الدين، لا يطالَب بتركها جميعها، بل يَنظر لها من زاوية " الوسع "، ولهذا لو فعل بعضها فلا شيء عليه، و ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾.
وهكذا تتم تجزئة الإسلام وتقسيم الأوامر، ليتناول كل مسلم منها ما يدخل ضمن وسعه، وُيعفى من ما يظنه فوق طاقته. وابحث بعد ذلك عن الواجبات في واقع التطبيق، وعن المحظورات من حيث الاجتناب والترك!.
وحتى نصوِّب هذا الفهم الخاطئ، وحتى نقدم المعنى الصحيح والفهم الصائب - إن شاء الله - لهذه الآية. فلا بد أن نعرف السياق الذي وردت فيه أولاً، ثم مناسبة نزولها ثانياً، لأن الاطلاع على هذين الأمرين -سياق الآية، وسبب نزولها- ضروري لفهمٍ أدق، واستنتاجٍ أصوب.
هذه الآية الأخيرة من سورة البقرة، وردت ضمن هذه الآيات: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٢٨٥) لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا


الصفحة التالية
Icon