بكلمة الكفر مع اطمئنان قلبه بالإيمان. و " إن الله يحب أن تُؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه ".
على أن تقدير هذه الرخص وتشريعاتها ليس متروكاً للناس، وإنما هو من صلاحيات الحاكم والمشرع في الإسلام، ولهذا بُيِّن هذا وفُصل وحُدد بدقة، بحيث لم يترك لأحدٍ من البشر الزيادة عليه أو الإنقاص منه.
﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾، وإذا علم الله أن النفس المسلمة في بعض حالاتها تعجز عن أداء بعض التكاليف، فقد أسعفها بالرخص والاستثناءات، المهم أن الترخص والاستثناء والإعفاء إنما هو من الله، وليس من عند البشر وفق ميولهم وأمزجتهم وأهوائهم.
وقد يقول قائل: إنني أجد نفسي عاجزاً أمام بعض التكاليف، ولهذا أعتقد أن هذا التكليف ليس في وسعي، فأترخص فيه وأتركه.
فنقول له: طالما لم ينص الشرع على الترخص في هذه الحالة، ولم يقدم للإنسان إعفاءً واستثناءً، فإن الله يعلم -وهو الحكيم الخبير- أن الالتزام به يدخل ضمن " الوسع "، وكل ما في الأمر أن هذا الإنسان لم يبذل غاية وسعه وجهده وطاقته، وإنما تعامل معه بهمَّةٍ ساقطة، وعزيمةٍ مريضة، ووسعٍ ضعيف، وطاقةٍ متكاسلة. ولهذا نطالبه بأن يضاعف جهده، ويقوي عزيمته، ويشد نفسه، ويمتِّن وسعه، ويقبل على التكليف بعد ذلك، عندها يعلم أنه ضمن وسعه وفي حدود طاقته. وعندها يفهم معنى قوله: ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ فهماً صحيحاً صائباً مقبولاً.
﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾، إنما هي حشدٌ للطاقات، وتقويةٌ للهمم والعزائم، وتنشيطٌ للوسع والاحتمال، وليس إضعافاً لهذه القدرات.
﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾، تدعو إلى مضاعفة العمل الصالح،


الصفحة التالية
Icon