إذا ما قمت تدعو شخصاً إلى الله، يقف أمامك أحدهم ويقول لك: دَعْه، لا تَدْعُهُ، فإنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء.
وقد تجلس في مجلس، وتذكر أحد العصاة المذنبين، وتعلن عن رغبتك في دعوته ونصحه وتذكيره، فيقطع عليك أحدهم رغبتك، لأنك لا تهدي من أحببت.
وقد ترى أحد العصاة فتدعوه إلى الله، فيقول لك: دَعْني يا أخي ولا تَدْعُني، إنك لا تهديني، لأن هدايتي ليست بيدك بل بيد الله، والله لا يريد أن يهديني، ويحتج عليك بالآية: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾.
كل هؤلاء يجعلون هذه الآية مانعةً من الدعوة إلى الله، وأمر الناس بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وتقديم الهداية لهم، ويجعلونها داعية إلى القعود واعتزال الناس.
وهذه أفهام خاطئة للآية، ومحرِّفة لمعناها.
وحتى نعرف معنى الآية ونقوم بالفهم الصائب لها، لابد من معرفة سبب نزولها: روى مسلم في صحيحه عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرتْ أبا طالب الوفاة، جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عم، قل لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله. فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب: أترغب عن ملة عبد المطلب. فلم يزل رسول الله ﷺ يعرضها عليه، ويعيد له تلك المقالة، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: هو على ملَّة عبد المطلب. وأبى أن يقول لا إله إلا الله.
فقال رسول الله - ﷺ -: أما والله لأستغفرنَّ لك ما لم أُنْهَ