وقال مسروق: اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله.
ونأخذ من هذه الأقوال التحذير من القول في التفسير بدون علم، ولذلك نوجهها للذين يدخلون هذا الباب، ولا يملكون الوسائل التي تعينهم على حسن الفهم عن الله.
ولا تدل هذه الأقوال على النهي عن التفسير مطلقاً، ومنع النظر في آيات القرآن، وفهمها وعرض مفاهيمها. لأن هذا واجبٌ على كل من كان مؤهلاً لذلك. ولذلك قال ابن كثير - بعد إيراده تلك الأقوال -: فهذه الآثار الصحيحة، وما شاكلها عن أئمة السلف، محمولةٌ على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم فيه. فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغةً وشرعاً، فلا حرج عليه. ولهذا رُويت عن هؤلاء وغيرهم أقوالٌ في التفسير، ولا منافاة لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد، فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه، لقول الله سبحانه: ﴿لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ﴾، ولما جاء في الحديث الذي رُوي من طرق " من سئل عن علمٍ فكتمه أُلجم يوم القيامة بلجامٍ من نار ".
وهذا الحديث الذي ذكره ابن كثير أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده والترمذي والنسائي وأبو داود والحاكم عن أبي هريرة، ورمز له السيوطي في الجامع الصغير بالصحة، وقال المناوي في فيض القدير: " قال الترمذي: