أما وجوب السعي بينهما فمأخوذٌ من أحاديث وفعل الرسول عليه السلام. واستعانة عائشة بسبب نزول الآية، دليلٌ على وجوب معرفة سبب النزول لدقة الحكم، وصحة الفهم.
...
٢ - أبو أيوب الأنصاري يوضح معنى التهلكة
روى أبو داود عن أسلم أبي عمران رحمهم الله تعالى قال: غزونا من المدينة نريد القسطنطينية وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والروم ملصقوا ظهورهم بحائط المدينة، فحمل رجل على العدو، فقال الناس: مه، مه، لا إله إلا اللَّه، يلقي بيديه إلى التهلُكة.
فقال أبو أيوب: إنما أُنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار. لما نصر الله نبيه وأظهر الإسلام، قلنا: هلمّ نقيم في أموالنا ونصلحها، فأنزل الله: ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾، فالإلقاء بالآيدي إلى التهلُكة: أن نقيم في أموالنا ونصلحها، وَنَدعُ الجهاد.
قال أبو عمران: فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله، حتى دفن في القسطنطينية.
وروى الترمذي هذه الحادثة بألفاظٍ أخرى عن أسلم أبي عمران قال: كنا بمدينة الروم، فأخرجوا إلينا صفاً عظيماً من الروم، فخرج إليهم من المسلمين مِثْلهم أو أكثر، وعلى أهل مصر عُقْبَة بن عامر، وعلى الجماعة: فُضالَة بن عبيد، فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم، فصاح الناس وقالوا: سبحان الله، يلقي بيديه إلى التهلُكة!.


الصفحة التالية
Icon