إن ابن عباس يرى -ومعه الصحابة والعلماء- من الآية، جواز استمتاع الرجل بزوجته وإتيانها أنّى شاء، من الأمام والخلف، شرط أن يكون الجماع في الفرج فقط.
ودلَّل لفهمه بسبب نزول الآية، لأن سبب النزول يوضح المعنى ويبين المراد، من خلال المشكلة التي يواجهها النص، والحادثة التي يبينها، والقضية التي يعالجها.
وقد تواترت الروايات الصحيحة عن الصحابة في صحة ما قاله ابن عباس، وخطأ ما قاله ابن عمر في هذا الخصوص.
فروى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول فنزلت: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾.
وفي رواية عن مسلم في صحيحه توضح قول اليهود -الذي كذَّبته الآية- كانت اليهود تقول: إذا أُتِيت المرأة من دبرها في قبلها، ثم حملت، جاء الولد أحول، فأكذب الله اليهود في زعمهم.
وقد أورد الإِمام مسلم هذه الروايات تحت باب، جعل له عنواناً لطيفاً ذا دلالة على موضوعنا، حيث جاء عنوانه " باب جواز جماعه امرأته في قبلها، من قُدامها ومن ورائها، من غير تعرض للدبر ".
وروى الترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها: أن رسول الله ﷺ قال في قوله تعالى: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾، قال: في صَمّام واحد يعني في الفرج فقط، من أية جهة كانت، وعلى أي موضع كان.