١ - إن الآية لا تدل على ذلك، بل إنّ المطيع لربِّه لا يكون مؤاخَذاً بذنوب العاصي، أما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فثابت بالروايات في تفسير الآية.
٢ - قال الإمام عبد الله بن المبارك: هذه أوكد آية في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه قال: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ: يعني عليكم أهل دينكم. ولا يضركم من ضل من الكفار. وهذا كقوله: ﴿فاقتلوا أنفسكم﴾، يعنى أهل دينكم. فقوله: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾، يعني بأن يعظ بعضكم بعضاً، ويرغِّب بعضكم بعضاً في الخيرات، وينفره عن القبائح والسيئات. والذي يؤكد ذلك ما بينّا أنّ قوله: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ معناه: احفظوا أنفسكم، فكان ذلك أمراً بأن نحفظ أنفسنا، فإن لم يكن ذلك الحفظ إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كان ذلك واجباً.
٣ - ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾: من أداء الواجبات التي من جملتها الأمر بالمعروف عند القدرة، فإن لم يقبلوا ذلك فلا ينبغي أن تستوحشوا، فإنكم خرجتم من عهدة تكليفكم، فلا يضركم ضلال غيركم.
٤ - أنه تعالى قال لرسوله: ﴿فَقاتِلْ في سَبيلِ اللهِ لاتكَلَّفُ إِلا نَفْسَك﴾، وذلك لا يدل على سقوط الأمر بالمعروف عن الرسول - ﷺ -، فكذا ههنا.
من هذه الروايات التي نقلناها، والأقوال التي أوردناها في معنى الآية، يتبين لنا أنها لا تقدم رخصةً في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنما هي تدل على وجوبه على المسلمين. هذا ما وضَّحه الرسول - ﷺ -