إنه لا بد من أداء الواجب في المجالين، وتحقيق كل من المرحلتين.
٢ - وتقرر الآية أن ضلال الآخرين لن يضرنا إذا اهتدينا، ولكن الاهتداء لن يتحقق إلا إذا حملنا الإسلام كاملاً وطبقنا أوامره وتوجيهاته، ومن ضمنها الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا لم يتحقق هذا عملياً، فإن الاهتداء لن يتحقق. كما قرر حذيفة وسعيد بن المسيب وغيرهما.
٣ - وحتى لو كانت الآية تدل على الإِقبال على نفوسنا بالتربية والطاعة والعبادة، فإنها لا تعني ترك الآخرين وإهمالهم. لأننا نفهم من قرآننا وإسلامنا أن إصلاح النفس وتهذيبها وتربيتها، لا يتحقق إلا من خلال فى عوة الآخرين ونصحهم. لأن الإنسان لا يعيش معتزلاً في رأس جبل، وإنما هو في مجتمع الآخرين، فإذا ترك الآخرين ومعاصيهم وانحرافاتهم، فإنهم -هم وذنوبهم- سيؤثرون عليه، وعلى خطته التربوية وأسرته وأولاده. ولهذا يكون من لوازم التربية الفردية في قوله ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ لاتصال بالآخرين وتربيتهم ليتحقق المراد.
٤ - ويعجبني قول ابن المبارك في معنى ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ يعني عليكم أهل دينكم، فلا يضركم كفر الكافرين، طالما أنتم أمة مسلمة على طاعة الله، ولن يتحقق هذا إلا بالأمر والنهي والدعوة.
***


الصفحة التالية
Icon