٣ - إن قيام هذا المسلم بواجبه، وإنفاقه كل ما يقدر عليه في سبيل الله، وثباته على الحق واستعلاءه بالإيمان، وجهره بالرأي، وقيامه بالدعوة، بجرأة وشجاعة وإقدام، وصدق والتزام، وتقبله كل ما ينتج عن ذلك من الآخرين، واحتسابه كل هذا عند ربِّه الكريم، وبقاءه على هذه الخطة والطريقة حتى يلقى الله. إن هذا كله واجب عيني عليه، لا يسقط عنه. ولا يمكن أن يسمى هذا تطرفاً أو تعصباً أو تهوراً أو تعنتاً. ولا يعتبر هذا تهلكة، أو إلقاء بنفسه إلى التهلكة.
٤ - إن التهلكة التي تنهانا الآية عن أن نلقي أنفسنا فيها وإليها، وكما فهمها الصحابة والتابعون والعلماء العاملون، هي ضدّ ما ذكر سابقاً وعكسه ونقيضه، إنها تتمثل في ضَنِّه بنفسه أو ماله عن الإنفاق في سبيل الله، وقعوده عن القيام بالواجب، وجبنه عن قول كلمة الحق، ورضاه بالذل والهوان، وإيثاره السلامة الذليلة والحياة الرخيصة، ورفضه دفع واجب الدعوة، وتكاليف العمل، وضريبة الحياة ولوازم الرجولة.
٥ - إن المسلم مطالب بالإحسان في أداء ما طلبه الله منه، ودفع ما أوجبه عليه، الإحسان في الإنفاق، والإحسان في الجهاد، والإحسان في الدعوة، والإحسان في العمل، والإحسان في الالتزام والاستقامة والثبات والجرأة والشجاعة والإقدام.
الإحسان الذي يجعله يبتغي بهذا كله وجه الله، والإحسان الذي يدفعه إلى تقديم أفضل وأطيب وأزكى وأنفع ما لديه منه، والإحسان الذي يحثّه على أن يدفع ويبذل ويقدِّم باستمرار، بدون مللٍ أو كللٍ أو ضنّ أو يأسٍ أو زهدٍ أو استكثار، حتى يلقى الله.
ومن أجل أن يرسخ هذا المعنى عند المسلمين، ويزول ما قد يعلق في أذهان بعضهم من المعنى الآخر غير المراد، نقدِّم بعض الآيات والأحاديث،


الصفحة التالية
Icon