واستدلوا على مذهبهم هذا:
١ - بحديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -، وقد وردت الكفارة فيه مطلقة، ولم يشترط النبي - ﷺ - التوبة.
٢ - وبقول ماعز للنبي - ﷺ -: إني أصبت حداً فطهرني، وكذلك قالت له الغامدية (١)،
ولم يُنكر عليهما النبي - ﷺ - ذلك، فدل على أنَّ الحد طهارة لصاحبه، ولو لم يتب. (٢)
القول الثاني: أنَّ إقامة الحد بمجرده لا يُعد كفارة، بل لا بد معه من التوبة.
وهذا مذهب الحنفية (٣).
وروي عن صفوان بن سليم (٤) (٥).
وهو رأي: البيهقي (٦)، وابن العربي (٧)، وأبو عبد الله ابن تيمية (٨) (٩)،
وابن مفلح (١٠) (١١)، وابن حجر الهيتمي (١٢) (١٣).
ونُسِبَ لابن حزم (١٤)،
_________
(١) أخرج قصة ماعز والغامدية رضي الله عنهما: الإمام مسلم في صحيحه، في كتاب الحدود، حديث
(١٦٩٥).
(٢) انظر: فتح الباري، لابن رجب (١/ ٧٤).
(٣) انظر: فتح القدير، لابن الهمام (٥/ ٢١١).
(٤) هو: صفوان بن سليم، أبو عبد الله، وقيل: أبو الحارث، القرشي، الزهري، المدني، مولى حميد بن عبدالرحمن بن عوف، ثقة، كثير الحديث، عابد، من خيار عباد الله الصالحين، (ت: ١٣٢هـ). انظر:
سير أعلام النبلاء، للذهبي (٥/ ٣٦٤).
(٥) ذكره الحافظ ابن رجب، في فتح الباري (١/ ٧٤).
(٦) نقله عنه الهيتمي في الزواجر (٢/ ٣٦١).
(٧) عارضة الأحوذي، لابن العربي (٦/ ١٧٣).
(٨) هو: الشيخ الإمام العلامة المفتي المفسر الخطيب البارع، عالم حران وخطيبها وواعظها، فخر الدين، أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبد الله، ابن تيمية الحراني الحنبلي، صاحب التفسير الكبير، برع في المذهب الحنبلي، وصنف مختصراً فيه، وله نظم ونثر،
(ت: ٦٢٢ هـ). انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي (٢٢/ ٢٨٨).
(٩) ذكره الحافظ ابن رجب، في فتح الباري (١/ ٧٤)، وفي جامع العلوم والحكم (١/ ٤٣١).
(١٠) هو: محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي الرامينى ثم الصالحي: أعلم أهل عصره بمذهب الإمام أحمد بن حنبل. ولد ونشأ في بيت المقدس، وتوفي بصالحية دمشق. من تصانيفه (كتاب الفروع) ثلاثة مجلدات، و (النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر لابن تيمية)، و (أصول الفقه) و (الآداب الشرعية الكبرى) ثلاثة مجلدات. (ت: ٧٦٣هـ). انظر: الأعلام، للزركلي
(٧/ ١٠٧).
(١١) الآداب الشرعية، لابن مفلح (١/ ١٠٦ - ١٠٧).
(١٢) هو: أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي السعدي الأنصاري، شهاب الدين شيخ الإسلام، أبو العباس: فقيه باحث مصري، مولده في محلة أبي الهيتم (من إقليم الغربية بمصر) وإليها نسبته. والسعدي نسبة إلى بني سعد من عرب الشرقية (بمصر)، تلقى العلم في الأزهر، ومات بمكة. له تصانيف كثيرة، منها: (تحفة المحتاج لشرح المنهاج) في فقه الشافعية، و (شرح مشكاة المصابيح للتبريزي)،
و (الزواجر عن اقتراف الكبائر) وغيرها، (ت: ٩٧٤ هـ). انظر: الأعلام، للزركلي (١/ ٢٣٤).
(١٣) الزواجر عن اقتراف الكبائر، للهيتمي (٢/ ٣٦١).
(١٤) نسبه لابن حزم: الحافظ ابن رجب، في فتح الباري (١/ ٧٤)، وتبعه الحافظ ابن حجر، في الفتح
(١/ ٨٦)، والشوكاني، في نيل الأوطار (٧/ ٦٦).
قلت: وفي نسبة هذا القول لابن حزم نظر، والذي وقفت عليه من كلامه هو موافقة الجمهور - في أنَّ الحد مسقط للإثم، ولو لم يتب المحدود - وهذا نص كلامه في المحلى (١٢/ ١٢) حيث قال: "كل من أصاب ذنباً فيه حد فأقيم عليه ما يجب في ذلك فقد سقط عنه ما أصاب من ذلك - تاب أو لم يتب - حاشا المحاربة؛ فإن إثمها باق عليه وإن أقيم =