«الآثار المروية عن رسول الله - ﷺ -، بالأسانيد المقبولة، وجاء ما يُناقضها في الظاهر من آية أو حديث أو غير ذلك، مما هو ظاهر ومعتبر، أو فيها ألفاظ أو معانٍ لا تُعلم عند كثير من الناس». (١)
ويلاحظ من مجموع هذه التعريفات أنها لم تأتِ بتعريف جامعٍ مانعٍ لمشكل الحديث، وإنما ذكرت بعض أنواعه.
كما يُلاحظ أنَّ معنى المُشْكِل عند عامة المحدثين مغاير تماماً لمعناه عند الأصوليين؛ إلا أنَّ بعضهم ربما أطلق الإشكال وأراد به معناه عند الأصوليين.
وهذه التعريفات التي ذكرناها سابقاً نستطيع أنْ نستخلص منها تعريفاً جامعاً مانعاً شاملاً لكل أنواع مشكل الحديث، مع إضافة بعض الضوابط التي لم تُذكر في تلك التعريفات.
وعليه فإن مشكل الحديث: هو الحديث المروي عن رسول الله - ﷺ - بسند مقبول، ويُوهِمُ ظاهره مُعارضةَ آيةٍ قرآنية، أو حديثٍ آخر مثله، أو يُوهِمُ ظاهره مُعارضةَ مُعْتَبَرٍ مِنْ: إجماعٍ، أو قياسٍ، أو قاعدةٍ شرعيةٍ كليةٍ ثابتة، أو أصلٍ لغوي، أو حقيقةٍ علميةٍ،
أو حِسٍ، أو معقولٍ.
ثالثاً: تعريف المُشْكِل عند علماء التفسير وعلوم القرآن:
معرفة المُشْكِل عند علماء التفسير وعلوم القرآن يتطلب النظر في نوعين من المؤلفات:
الأول: الكتب المؤلفة في تفسير القرآن الكريم، والثاني: الكتب المؤلفة في علوم القرآن.
ففي الكتب المؤلفة في التفسير نجد أنَّ هناك نوعين من التأليف:
الأول: كتبٌ مفردة في مشكل القرآن، وموهم التعارض بين آياته.
والثاني: كتبٌ عامة، جل اهتمامها هو التفسير؛ إلا أنَّ مؤلفيها ربما تطرقوا لحلِّ بعض مشكلات القرآن.
فمن الأول: كتاب «تأويل مشكل القرآن»، لابن قتيبة، وكتاب «حل
_________
(١) مشكل القرآن، للمنصور، ص (٥٣).